كلمة العدد
النظام القانوني لمكافحة الفساد..تحديات ومسؤوليات
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
تجد حماية الأموال العامة والثروات الطبيعية الوطنية وتحصين الوظائف العامة، وخاصة القيادية منها، من الانحراف وسوء الاستغلال، أسساً دستورية في الوثائق والنصوص الدستورية، والتي يعود كتابة بعضها إلى ستينات وسبعينات القرن الماضي، كما هو الحال بالنسبة للدستور الكويتي والمصري والتونسي والمغربي وغيره، ولم يتأخر المشرعون في تنظيم ذلك عبر قوانين الوظيفة العامة واستغلال الثروات الوطنية وغيرها، وهياكل تنظيمية مثل مجالس الخدمة المدنية ومجالس التأديب،إلى جانب هيئات رقابية مالية وإدارية مستقلة مثل ديوان المحاسبة في الكويت والجهاز المركزي للمحاسبات في مصر والمجلس الأعلى للحسابات في المغرب ومحكمة المحاسبات في تونس، وقد تزامنت هذه الجهود التشريعية العربية مع مبادرات دولية تمثلت في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تم اعتمادها في 31 أكتوبر 2003 … اقرأ النص كاملا
النظام القانوني لمكافحة الفساد..تحديات ومسؤوليات
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
تجد حماية الأموال العامة والثروات الطبيعية الوطنية وتحصين الوظائف العامة، وخاصة القيادية منها، من الانحراف وسوء الاستغلال، أسساً دستورية في الوثائق والنصوص الدستورية، والتي يعود كتابة بعضها إلى ستينات وسبعينات القرن الماضي، كما هو الحال بالنسبة للدستور الكويتي والمصري والتونسي والمغربي وغيره، ولم يتأخر المشرعون في تنظيم ذلك عبر قوانين الوظيفة العامة واستغلال الثروات الوطنية وغيرها، وهياكل تنظيمية مثل مجالس الخدمة المدنية ومجالس التأديب،إلى جانب هيئات رقابية مالية وإدارية مستقلة مثل ديوان المحاسبة في الكويت والجهاز المركزي للمحاسبات في مصر والمجلس الأعلى للحسابات في المغرب ومحكمة المحاسبات في تونس، وقد تزامنت هذه الجهود التشريعية العربية مع مبادرات دولية تمثلت في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تم اعتمادها في 31 أكتوبر 2003 وصادقت عليها الكويت مثلا في العام 2006 وحذت حذوها عدة دول عربية (الجزائر والأردن في العام 2004، العراق في العام 2008 …)، كما ترافقت أيضا مع مبادرات دولية ومحلية تمثلت بإنشاء منظمات غير حكومية دولية مثلما هو الحال بمنظمة الشفافية الدولية، والتي سرعان ما ظهرت لها فروع في عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى مبادرات أخرى لهيئات محلية تنتمي إلى ما بات يعرف بالمجتمع المدني، ثم صدرت اتفاقية عربية لمكافحة الفساد، وأنشئت خلال هذه الفترة هيئات وطنية لمكافحة الفساد، كما هو الحال بالنسبة للهيئة العامة لمكافحة الفساد في الكويت والتي تم إنشاؤها بموجب مرسوم بقانون رقم 24 لسنة 2012، تبين فيما بعد عدم دستوريته، وتم إعادة تشكيلها في العام 2016، بموجب قانون رقم 2 لسنة 2016، اعتبر من قبل الفقه الدستوري معيباً بسبب إلحاق الهيئة بوزير العدل بدلاً من كفالة استقلاليتها بما يمنحها قدرة على القيام بمهام الرقابة ومكافحة الفساد، وعملياً واجهت هذه الهيئة عقبات كبيرة، حيث نشب خلاف بين الوزير الوصي وأعضاء الهيئة، يفرض بموجبه الأول على كافة الأعضاء تقديم استقالاتهم لقيامه بإجراء تشكيل جديد، وهو ما رفضه الأعضاء، علما بأن طلب الوزير يتعارض مع نص المواد 50 و133 من الدستور، وقد تم تشكيل لجنة قضائية بحق هؤلاء الأعضاء للتحقيق معهم بشبهات فساد، ولم تحسم الأمور بعد لعدم انتهاء اللجنة لقرار نهائي.
وفي أنظمة قانونية مقارنة تم أيضا تشكيل هيئات مشابهة، كما هو الحال مع هيئة النزاهة في العراق ومثيلتها في الأردن وغيرهما، باعتبارها آليات عملية لمواجهة الفساد، لكن إنجازاتها في هذا المجال كانت محدودة ومنعدمة بشهادة القائمين عليها.
بالتزامن مع ذلك، تشير التقارير والمؤشرات الدولية الصادرة حديثاً، ومن بينها تقرير الشفافية الدولية للعام 2016، إلى استمرار استفحال ظواهر الفساد في الدول العربية ومحدودية الجهود المبذولة، حيث حلت هذه الدول في مراتب متأخرة في مؤشرات مكافحة الفساد، كما تؤكد الوقائع الجارية أن غياب الإدارة السليمة للموارد وانتشار ظواهر الفساد الإداري، بما في ذلك الرشوة والتحايل واستغلال النفوذ، هي أحد العوامل الجوهرية في إفشال مشاريع التنمية التي تطرحها حكومات المنطقة في العقدين الأخيرين. لقد أشارت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في مقدمتها بشكل واضح وصريح أن المجتمع الدولي قلق لـ «خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها، مما يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة، ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر»، ولذلك فإن النتائج التي تكشف عنها هذه التقارير والمؤشرات المتخصصة، ذات المصداقية والشفافية المعتبرة، تستوجب تحركاً جدياً من الأطراف المسؤولة فيما يتعلق بتفعيل مكافحة الفساد.
من المؤكد كما أوضحنا في البداية أن هناك أسساً دستورية وتراكمات تشريعية يمكن البناء عليها، كما أن هناك إرادة حكومية وسياسية متفاوتة في مواقع ومناطق كثيرة، حتى وإن كانت محدودة في بعض الأحيان، يمكن ترقيتها وتفعيلها من خلال العمل الإيجابي الجماعي، لأن مسؤولية مواجهة الفساد وحصار آثاره وتداعياته مسؤولية مجتمعية مشتركة، يقوم فيها رجال القانون من محامين وقضاة وأكاديميين وفقهاء، والحقوقيون ونشطاء المجتمع المدني والإعلاميون بدور متقدم لتفعيل الهيئات القانونية القائمة وابتكار أساليب للتوعية بمخاطر الفساد والحيلولة دون نجاحه في تدمير مستقبل بلداننا وشعوبنا ومجتمعاتنا.
وفي ضوء النصوص الدولية والأسس الدستورية، فإنه من المهم التأكيد على أن النظام القانوني لمكافحة الفساد يقوم على مبادئ أساسية تتمثل في النزاهة والشفافية والعدالة وسيادة القانون ونظام قضائي مستقل وأجهزة فعالة لإنفاذ القوانين، وهو ما يقتضي كفالة ظروف عمل موضوعية مناسبة للأجهزة والهيئات المكلفة بمكافحة الفساد، وذلك بضمان استقلاليتها واستبعاد وصاية من يفترض أنها تراقبهم، ومن هنا فإن استقلالها عن السلطة التنفيذية تحديدا تعتبر ضمانة هامة، وبالإضافة إلى ذلك فإنه من المطلوب أيضا ضمان آليات وإجراءات سليمة وفعالة لتنفيذ قراراتها في مواجهة الكافة، كما يقتضي تنظيم البحث والتحري في قضايا الفساد، سواء في المرافق والإدارات العامة أو في المؤسسات والهيئات المستقلة، أو كذلك في الشركات الخاصة، وهو يستوجب كذلك تنظيم نظام الإبلاغ عن جرائم الفساد بما يقتضيه ذلك من حماية للمبلغين خاصة في القضايا الكبرى أو تلك التي تتعلق بشخصيات نافذة وغيرها. هذه بعض التحديات التي يطرحها النظام القانوني لمكافحة الفساد، وهو بحق نظام قانوني لحماية مستقبل الأمم من السرقة والضياع والتفككوإهدار الإمكانات والثروات، وهو ما يتطلب بحثاً واجتهاداً من فقهاء القانون وباحثيه.
المحتوى
الوضع القانوني لانتخاب نائب رئيس مجلس الأمة الكويتي وفقا للدستور والسوابق البرلمانية وحكم المحكمة الدستورية
أ. د. محمد عبد المحسن المقاطع
أستاذ القانون العام – رئيس وعميد كلية القانون الكويتية العالمية
وظائف حسن النية في قانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم (5) لسنة 1985 – دراسة مقارنة
أ. د. نوري حمد خاطر
أستاذ القانون المدني – كلية القانون جامعة الإمارات العربية المتحدة
إشكالية اختصاصات مجلس الأمن في مجال حماية حقوق الإنسان
د. خالد حساني
أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان المشارك - كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة عبد الرحمان ميرة – بجاية - الجزائر
الحبس التنفيذي في ظل نظام التنفيذ السعودي
د. مفلح بن ربيعان القحطاني
أستاذ القانون المدني المساعد- كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة الملك سعود– الرياض – المملكة العربية السعودية
القرض الحسن وتطبيقاته المعاصرة لدى المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية
د. عدنان علي الملا
أستاذ الفقه المقارن والدراسات الإسلامية المساعد كلية القانون الكويتية العالمية
العقوبات القاسية وغير المألوفة المطبقة على الأحداث في القانون الأمريكي- دراسة تحليلية لعقوبتي الإعدام والحبس المؤبد بدون فرصة إطلاق السراح المشروط
د. يوسف المطيري
أستاذ القانون الجزائي المساعد - قسم القانون –كلية الدراسات التجارية الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب - الكويت
التطورات القضائية بخصوص طعن الغير في العقد الإداري
د. طارق محمد علي النحاس
عضو هيئة التدريس – كلية الحقوق –جامعة حمص - سورية
سيادة القانون: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والخدمات المالية
أ. د. جون ماك إلدوني
كلية القانون - جامعة واريك
واجبات الناقل ومسؤوليته في إطار نقل البضائع عن طريق البحر: مقارنة بين القانون العام، الاتفاقيات الدولية وقانون التجارة البحرية الأردني 1972
د. حسام بطوش
أستاذ القانون التجاري المشارك - كلية القانون – جامعة قطر