اتفاقيات إعادة الرعايا وآثارها على حقوق المهاجرين: النموذج الأوروبي
د. أوكيل محمد أمين
أستاذ محاضر، قسم أستاذ بحث – مخبر فعلية القاعدة القانونية – كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة بجاية – الجزائر
الملخص
اتخذت دول الاتحاد الأوروبي سياسة أمنية صارمة للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية، تقوم أساساً على إقامة تنسيق مشترك بين دول الاتحاد بُغية تكريس عملية إبرام اتفاقيات إعادة الرعايا الأجانب إلى دولهم الأصلية أو إلى أي وجهة أخرى تقبل بهم، بحيث تُعد هذه الاتفاقيات الآلية النموذجية التي يستعملها الاتحاد الأوروبي حالياً قصد مراقبة الهجرة وتنقل الأجانب على أقاليمه، وذلك لتنظيم العودة القسرية للمهاجرين القادمين إلى البلاد الأوروبية الذين يثبت دخولهم لأقاليمها بطريقة غير قانونية أو ممن يتعمّدون الإقامة فيها بصفة غير شرعية بعد انتهاء صلاحية الإقامة القانونية الممنوحة لهم. بيد أنّ استعمال هذه الاتفاقيات من شأنه التأثير على الوضع القانوني للمهاجرين وعلى تمتعهم بالحقوق والحريات الأساسية التي تكفلها لهم العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، نظراً للطابع الشمولي والقسري الذي تنطوي عليه مسألة تنفيذ اتفاقيات إعادة الرعايا والتي لها انعكاسات سلبية مباشرة على المهاجرين.
وعلى هذا الأساس يهدف هذا البحث إلى تحديد المفهوم النظري لاتفاقيات الاتحاد الأوروبي لإعادة الرعايا لاسيما أنواع هذه الاتفاقيات وضوابط وإجراءات تنفيذها، فضلاً عن بيان تداعياتها وانعكاسات تطبيقها على الحقوق والحريات الأساسية للمهاجرين، وذلك لما تتضمنّه أحكامها من بنود جبرية وقمعية تؤثر على وضع المهاجرين غير الشرعيين كالإعادة القسرية والطرد والترحيل الجماعي، فضلاً عن الوضع في مراكز الاعتقال والاحتجاز والمعاملة التمييزية. وعليه تمحورت إشكالية البحث حول بيان مفهوم اتفاقيات الاتحاد الأوروبي لإعادة الرعايا، ومدى تأثيرها على الحقوق الأساسية للمهاجرين، والتي تمت الإجابة عنها وفق أسلوب تحليلي من خلال تقسيم البحث إلى مبحثين، تناولنا في الأول الإطار العام لاتفاقيات إعادة الرعايا التي يبرمها الاتحاد الأوروبي، وفيه بيّنا مفهوم وطبيعة وأسس إبرام هذه الاتفاقيات، ثم عرضنا نماذجها المطبقة في الممارسة الدولية الراهنة. أما المبحث الثاني فخصصناه لتحديد آلية وإجراءات إبرام وتنفيذ اتفاقيات إعادة الرعايا، ثم بيان انعكاساتها على حقوق المهاجرين وموقف الهيئات الدولية منها. وخلصنا في الأخير إلى ضرورة التزام الاتحاد الأوروبي باحترام ضمانات حقوق الإنسان المكفولة للمهاجرين عند إبرام وتنفيذ هذا النموذج من الاتفاقيات، لاسيما ما يتعلق بحظر الإعادة القسرية للاجئين أو الإعادة الجماعية والفورية للمهاجرين أو الاعتقال الجماعي والمعاملة التمييزية لهم، كما بيّنا فشل هذه الاتفاقيات في احتواء ظاهرة تدفق موجات الهجرة غير الشرعية، نظراً لعجزها عن وضع حد نهائي لتنامي معدلات هذه الظاهرة واستمرارية وتيرتها التصاعدية من دون انقطاع إلى يومنا هذا.
كلمات دالة:
مهاجر غير شرعي، حقوق المهاجرين، رخصة مرور، احتجاز، إعادة قسرية، ترحيل.