اقتصاديات الحوكمة: دراسة في الأصول القانونية والسياسية والاقتصادية للحوكمة
أ.د. أحمد جمال الدين موسى
أستاذ الاقتصاد والمالية العامة والتشريعات الضريبية رئيس جامعة المنصورة ووزير التعليم الأسبق
الملخص
تسعى هذه الدراسة إلى تحليل الأصول القانونية والسياسية والاقتصادية للحوكمة، وذلك من خلال استعراض المساهمات الفكرية المؤثرة في علوم القانون والسياسة والاقتصاد. وعلى الرغم من أن مفهوم الحوكمة غير محدد ويتفاوت من علم اجتماعي إلى آخر، إلا أنه يشير إلى استخدام مجموعة من الآليات والقواعد الرامية إلى تعزيز شفافية القرارات والتعاقدات والمعاملات بما يحسن كفاءة المؤسسات والهيئات والأجهزة ويدعم سبل الرقابة عليها.
وتظهر الدراسة أهمية فهم طبيعة وأشكال الترتيبات التعاقدية وربطها بمفهوم الحوكمة، ولهذا عرضت لنظرية إيان ماكنيل العلائقية، ولمفهوم كارل لوالين عن عدم الإدراك الواعي كمبرر لتحقيق الإنصاف التعاقدي، وكذلك لنظرة روسكو باوند للقانون كأداة للهندسة الاجتماعية. ومن منظور العلوم السياسية استعرضت الدراسة توجه بعض الدارسين لاختصار مفهوم الحوكمة في مجرد تقليص الدولة إلى الحد الأدنى. غير أنه يوجد اتفاق بين المتخصصين على أن نجاح الحوكمة يتطلب درجة عالية من القدرة المؤسسية بمكوناتها المختلفة، فضلاً عن أهمية تعزيز سياسات اللامركزية، وتجريب أساليب جديدة في الحكم والإدارة أكثر ديمقراطية وابتعادا عن البيروقرطية والتصاقاً باهتمامات وطموحات المواطنين. وأخيراً تستعرض الدراسة نتائج العديد من الدراسات الحديثة التي ربطت بين الحوكمة وقضية التنمية الاقتصادية مبينة نتائجها ودلالاتها وتأثيراتها على تطور الأوضاع في الدول النامية.
وانتهت الدراسة إلى أن الحوكمة هي آلية جديدة للتوازن بين الحرية والمسؤولية تلبي حاجة حقيقية للمجتمعات والمؤسسات المعاصرة، خاصة في الدول النامية، بشرط أن تصاغ على نحو كفء وفعال وأن تجد فرصتها في التطبيق الواقعي.