الإضراب في المرافق العامة بين الحرية الدستورية والتنظيم القانوني
د. بلال عقل الصنديد
مستشار قانوني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء الكويتي – أستاذ القانون العام في كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص
تتكرر من فترة لأخرى موجة التهديد بالإضراب في الوزارات والجهات الحكومية الكويتية، وقيام الموظفين بالانقطاع عن العمل جماعياً بشكل أصبح معطلاً لمصالح المواطنين، ومعرقلاً لسير المرافق العامة.
وعلى الرغم من عدم وجود نص دستوري يشير صراحة إلى حق الإضراب في دولة الكويت، لا يمكن غض النظر عن أن المبادئ الدستورية والقانونية العامة تكفل حق الموظفين والأجراء بالدفاع عن حقوقهم، وذلك من خلال ممارسة أي شكل من أشكال الضغوطات المشروعة على أصحاب القرار في القطاعين العام والخاص، ولكن المحظور يقع حين تصطدم هذه المطالبات بأساليبها المختلفة – ومن ذلك الإضراب- مع حقوق فئات وشرائح أخرى من المجتمع كالمستفيدين من المرفق العام، أو مع مبادئ وواجبات قانونية أخرى كمبدأ «استمرارية المرفق العام بانتظام واطّراد».
وفـــي سيـــــاق البحث في مشــروعيـة الإضراب في المرفق العام (Service Public)، وضوابط استخدامه كوسيلة ضغط من قبل الموظفين، أجابت الدراسة على عدد من التساؤلات المشروعة التي تصب في خانة تسليط الضوء على إشكالية التوفيق بين الحق في الإضراب، وواجب الحفاظ على الصالح العام، والالتزام بموجبات الوظيفة العامة، مع التركيز في هذا الشأن على أهمية وجود نص تشريعي ينظِّم ممارسة الإضراب في المرافق العامة الكويتية، حيث طرحت بعض الأفكار والأحكام التي يمكن تبنيها في ضوء الاستفادة من تجارب القانون المقارن والمواثيق الدولية.
وللوصول الى هذه النتائج، اقتضى الأمر إلى إلقاء بعض الضوء على المرتكزات الدستورية والمبادئ الأساسية المرتبطة بالإضراب في المرافق العامة (المبحث الأول)، إضافة إلى ما تناولته المواثيق الدولية والقانون المقارن في هذا الشأن (المبحث الثاني)، ومن ثم استعراض لواقع الإضراب من الناحية القانونية في الكويت (المبحث الثالث)، وصولاً إلى طرح بعض الأفكار التي تساهم في بلورة تشريع لتنظيم ممارسة حق الإضراب في المرافق العامة الكويتية (المبحث الرابع)، الأمر الذي تم التركيز عليه في خلاصة البحث.