التحكيم التجاري في حوكمة سوق المال من خلال ضمان تطبيق المعايير الشرعية على السوق المالية الإسلامية على الصعيدين الوطني دول الخليج العربي (أنموذجا) والدولي
د. لافي محمد درادكه
أستاذ مشارك – كلية القانون جامعة الإمارات العربية المتحدة
الملخص
يعالج هذا البحث ضمانات استمرارية تطبيق المعايير الشرعية على الأسواق المالية من خلال تسوية المنازعات الناشئة عنها بواسطة التحكيم التجاري، وقد تم بيان هذه الضمانات من خلال دراسة قوانين الأوراق المالية وقوانين التحكيم والقواعد التنظيمية لمراكز التحكيم في دول الخليج العربي وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الايوفي)، حيث تمثلت هذه الضمانات بإعطاء الخصوم حرية تطبيق القانون الإسلامي على النزاع في مجال السوق المالية، وإعطاء الخصوم حق اختيار أعضاء هيئة التحكيم من أصحاب العلم والمعرفة بأحكام الشريعة الإسلامية، واتباع إجراءات تحكيمية تتناسب وأحكام الشريعة الإسلامية، كما وفَّرت هذه القوانين ضمانات يستطيع الخصوم من خلالها تنفيذ حكم التحكيم المستند لأحكام الشريعة الإسلامية، وبنفس الوقت طلب بطلان أحكام التحكيم المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، كما أشارت هذه الدراسة إلى اعتراف التحكيم الدولي بحق الخصوم بتسوية منازعاتهم وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وإلى وجود وسائل قانونية دولية تضمن تطبيق المعايير الشرعية من خلال التحكيم التجاري.
وقد توصل البحث إلى عدة نتائج منها مرونة التحكيم مقارنة مع النظام القضائي، وبالتالي إمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية في التحكيم وانعدام ذلك في النظام القضائي، بالإضافة إلى أن التحكيم يوفر ضمانات قانونية لتطبيق الشريعة الإسلامية، وبالتالي تنفيذ الأحكام التحكيمية الصادرة وفقا للقانون الإسلامي، ولكن حتى يستطيع التحكيم التجاري تحقيق هذه الأهداف، يوصي البحث بضرورة حث المجامع الفقهية الإسلامية وغيرها من الجهات الرسمية على وضع قانون إسلامي موحد في مجال المعاملات المالية، وإلى إعداد جيل من المحكمين والخبراء مؤهلين بالعلم الشرعي والقانوني يجمعون بين الجوانب الشرعية والقانونية والإجرائية، وإلى إنشاء المزيد من مراكز التحكيم الإسلامية المتخصصة لتسوية منازعات الاقتصاد الإسلامي بشكل عام، والعمل على صياغة شرط تحكيمي نموذجي خاص بهذه المراكز حتى يسهل على الخصوم اللجوء إليها لتسوية منازعاتهم.