الحوافز الضريبية والجاذبية الإقليمية للاستثمار
د. مسعود سعودي
أستاذ القانون العام المشارك – مركز الدراسات والبحوث المالية والضريبية – كلية الحقوق – جامعة جان مولان ليون 3 – فرنسا
الملخص
تشكل السياسة المالية، بمعنى العمل الاقتصادي والاجتماعي من خلال الجبايات الإجبارية (الضرائب والجبايات والمساهمات الاجتماعية)، أداة رئيسة في أيدي السلطات العامة لتشجيع الاستثمار، وبالتالي تحقيق أهداف التنمية المستدامة المحددة من قبل الأمم المتحدة. وغالبًا ما تتخذ مثل هذه السياسة شكل الحوافز الضريبية التي أقرها المشرع لجذب المستثمرين وذلك عن طريق «النفقات الضريبية» (الإعفاءات الضريبية والإعفاءات والتخفيضات وضرائب الائتمان).
ومع ذلك، فإنّ هذا التدخل المالي للدولة، الذي يتمتع بميزة الإصلاح العميق للهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلد ما، يمكن أن يتراجع عن طريق الدولة الإدارية (الإدارة المالية والضريبية) التي تعتبر أنّه من الضروري الحفاظ على الضرائب، أو حتى زيادتها لتغطية نفقات المصلحة العامة (تمويل البنية التحتية المادية مثل الأشغال العامة والمعدات، والاتصالات و/أو التعليم والبحث، والصحة العامة، وحماية البيئة والتنمية المستدامة).
لقد أجبرت جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية الخطيرة، الدول على تقليل، أو حتى تأجيل تاريخ استحقاق الرسوم الإجبارية المفروضة، وبالتالي خفض العبء الضريبي على الشركات والأسر. وفي أوقات الأزمات، فإنّ استخدام الضرائب يجب أن يتم بحذر للحفاظ على مستوى معين من الاستثمار الضروري لإنعاش النشاط الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الاستثمار العام و/أو الخاص الفعال الذي ينتج الثروة، وبالتالي إعادة التوزيع الاجتماعي يتطلب تنظيمًا مسبقًا وحوكمة عامة تخضع لمبادئ سيادة القانون.
ويهيمن شرط الشفافية والمسؤولية في إدارة الشؤون العامة على هذه المبادئ بشكل خاص، وهي واردة في المفهوم العام للمساءلة. وبالإضافة إلى الإطار السياسي المستقر، غالبًا ما تؤثر التشريعات التي يمكن التنبؤ بها والتي تتسم بالشفافية، لاسيما في الأمور المالية والضريبية، على قرارات الاستثمار العام و/أو الخاص. ويتمثل الاهتمام في الحوافز الضريبية في أنّها أداة تفضلها بعض البلدان الناشئة والنامية لجذب رأس المال الأجنبي على غرار الاستثمار الأجنبي المباشر في مواجهة نقص الموارد البشرية والمادية والتعدين و/أو المدخرات الوطنية.
وعلاوة على ذلك، يبدو أنّه من الأسهل لبعض البلدان استخدام الحوافز الضريبية الموجهة التي تؤدي إلى تقليل أو حتى إزالة أي عبء ضريبي، بدلاً من دفع الإعانات العامة مباشرة. وبالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتم أخذ هذه الحوافز الضريبية من قبل العديد من السلطات السياسية (وزارات التجارة والصناعة والاقتصاد والاستثمار …)، ويتم إضفاء الطابع الرسمي عليها من خلال نصوص مختلفة (قانون الاستثمار، قوانين التمويل، قانون التنظيم الاقتصادي).
وتتطلب تعبئة الاستثمار العام و/أو الخاص بساطة وشفافية الحوكمة العامة من أجل إتاحة تدابير الحوافز المالية، وتنفيذها بشكل فعال من قبل المستثمرين المهتمين. وفي ضوء ذلك، فإن البحث سيتناول أولاً أهمية الحوافز الضريبية وحدودها لجعل أي منطقة جاذبة للمستثمرين الوطنيين والدوليين، وثانيًا التأكيد على الحاجة إلى إطار قانوني ملائم للإدارة الرشيدة للتمويل العام والضرائب، لجعل أي استثمار منتجًا وفعالًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كلمات دالة: الإطار القانوني، الحوافز الضريبية، جذب المستثمرين، حوكمة المالية العامة، حوكمة الضرائب.