العـُملات الافتراضية: الإشكالية القانونية واستشراف المستقبل

د. جمال عبدالعزيز عمر العثمان
أستاذ القانون التجاري المساعد
جامعة عجمان وكلية الإمام مالك
للشريعة والقانون دبي، الإمارات العربية المتحدة

الملخص

يهدف هذا البحث إلى دراسة الإشكالية القانونية للعملات الافتراضية، وأثرها في استشراف المستقبل؛ من خلال توظيفها للارتقاء بالمكانة الاقتصادية والاستثمارية للدول والمجتمعات، وذلك من خلال إلقاء الضوء على هذه الأدوات المُسْتَجدَّة، والتي أثارت – ومازالت تثير – العديد من التساؤلات والإشكاليات، وهي عبارة عن وحدات رقمية ليس لها كيانٌ مادي ملموسٌ، يتم إنتاجها بواسطةِ برامج حاسوبية، ولا تخضع لرقابة البنوك المركزية، ويتم تداولها بين المتعاملين بها، إما أن تكون بقصد المضاربة من خلال المنصات الإلكترونية، وإما مبادلتها من قبل المتعاملين بها إلى عملات نقدية، أو أن تُستعمَل كأداة وفاء يقبل بها البائعون، مقابل ما لديهم من سلع أو خدمات معروضة للجمهور.
وتُعدُّ «البيتكوين» من أشهر العملات الافتراضية التي تم إصدارها سنة 2009، تلاها «اللتكوين»، و«النيموكين» سنة 2011، و«البيركوين» سنة 2012، و«الريبل» سنة 2013، و«الداش» سنة 2014، و«الإثيريوم» سنة 2015، و«الفيذركوين» و«إلديناركوين» و«الزيكاش» سنة 2016. وتثير العملات الافتراضية العديد من الإشكاليات تتعلق بماهيتها، وأنواعها، والأخطار المتولدة عنها، وما يميّزها عن العملات المتعارف عليها، مثل: العملات النقدية، والنقود الإلكترونية التي تمثل قيمة نقدية مُخَزَّنَة على وسيلة إلكترونية مدفوعة مقدمًا، فضلًا على الخصائص التي تتميّز بها العملات الافتراضية وطبيعتها القانونية، والموقف الإقليمي والدولي منها.
وتتسبب العملات الافتراضية في أخطار وتحديات عديدة، إما لأطرافها، وإما فيما يتعلق بمدى قدرتها على أن تكون أداة وفاء، وإما لما تمثله من تحديات في مواجهة القوانين والأنظمة. وإجمالًا تتمثل هذه الأخطار والتحديات إما في نقص السيولة وإخفاقات النظام، وإما في سرقة العملة من حسابات العملاء، وإما بسبب التذبذب في قيمتها من جراء المضاربات التي تجري عليها، بالإضافة إلى عدم اعتراف أغلبية الدول ومصارفها المركزية، والهيئات الدولية، بها كنقود حتى الآن. ويؤخذ على العملات الافتراضية أيضًا أنها قد تكون سبيلًا لعمليات غسل الأموال، أو تمويل الإرهاب، أو التهرب الضريبي، أو عمليات الاحتيال بقصد الاستيلاء على الأموال، عن طريق طرح عملات وهمية، أو من خلال منصات تداول غير قانونية.
ويوجد شبه إجماع بين حكومات الدول والهيئات الدولية، فضلًا على المصارف المركزية، على أن العُملات الافتراضية ليست نقودًا بالمعنى القانوني للنقود، ولا تمتلك رصيدًا نقديًّا، ولا قوة إبراء، وإنما هي – من وجهة نظر البعض – تعد «سلعة»، ومنهم من اعتبرها «وسيلة تبادل»، مع رؤية بعض الدول أنها تؤدي وظائف النقود – إلى حدٍّ ما – لدى المتعاملين بها.
وقد جمع الباحث بين كلٍّ من المنهج الوصفي والمنهج الاستقرائي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن، مستعينًا في ذلك بالعديد من المراجع العربية والإنجليزية، وإن كانت الغلبة للمراجع العربية. وقد عرض الباحث موقف التشريعات العربية والأجنبية من العملات الافتراضية، فعرض العديد من القوانين العربية والأجنبية. كما عرض الباحث موقف كل من البنك المركزي الأوروبي واللجنة الأوروبية. وعلى أي حال يتراوح موقف التشريعات بين حظر التعامل بالعملات الافتراضية، وإجازتها بقيود.
وقد عرض الباحث العملات الافتراضية من خلال خطة تتكون من مقدمة ومبحثيْن وخاتمة، اشتملت على نتائج وتوصيات، ثم أتبعها بقائمة المراجع. وقد تصدى في المقدمة لمشكلة البحث، وأهميته، وأهدافه، ومنهجيته، وتقسيماته في الخطة. وفي المبحث الأول تناول الباحث ماهية العملات الافتراضية، من خلال ثلاثة مطالب عرض فيها على الترتيب: تعريف العملات الافتراضية، ونشأة العملات الافتراضية وأنواعها، وأخطار العملات الافتراضية.
وقد تم قسَّم المطلبيْن الأولين إلى فرعيْن، في حين قسَّم المطلب الثالث إلى ثلاثةِ فروع. أما المبحث الثاني فقد تناول فيه الباحث الطبيعة القانونية للعملات الافتراضية، والموقف القانوني منها، من خلال مطلبيْن تناول في أولهما الطبيعة القانونية للعملات الافتراضية، وفي ثانيهما الموقف من العملات الافتراضية. وقد قسم الباحث المطلب الأول إلى ثلاثةِ فروع، في حين قسم المطلب الثاني إلى ثلاثة فروع، وفي الخاتمة عرض الباحث لما توصل إليه من نتائج وتوصيات.
كلمات دالة: العُملات الرقمية، والبيتكوين، والبلوك تشين، النقود، منصات التداول.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)