العقوبات البديلة – الجذور التاريخية والاتجاهات المعاصرة: عقوبة الخدمة المـُجتمعية أنموذجاً
أ. د. سامي حمدان الرواشدة
أستاذ القانون الجنائي
كلية القانون، جامعة قطر
الملخص
يتعلّق موضوع هذه الدراسة بصُورةٍ من صُورِ العقوبات البديلة في التشريعات العقابية المعاصرة؛ ونعني بها أساسًا عقوبة الخدمة المجتمعية التي أصبحت تُمثِّلُ بديلاً عن العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة. ولعلّ ما يُعمّق وجاهة هذا التناول كذلك، أنّه ثمة تشريعات عقابية متعدّدة، كقانون العقوبات الإنجليزي، والأردني، والقطري أقدمت على تبنّي هذه العقوبة والاعتداد بها. إنّ الهدف الرئيس من هذه الدراسة، هو إلقاء الضوء على عقوبة الخدمة المجتمعية من خلال التعريف بها، وبيان خصائصها ومزاياها، وتوضيح طبيعتها وصورها، هذا بالإضافة إلى إبراز فلسفتها وجذورها التاريخية. كما تهدف هذه الدراسة إلى بيان الأحكام القانونية الناظمة لهذه العقوبة في التشريعات المقارنة محلّ الدراسة وتحليلها. ومن المفيد الإشارة، إلى أنّه من بين التشريعات التي تبنت حديثًا هذه العقوبة هما القانونان الأردني والقطري، في حين كان القانون الإنجليزي أسبق منهما في توخّي هذا النهج. صفوة القول، إنّ عقوبة الخدمة المجتمعية تُمثِّلُ تطورًا جديدًا في نظرية العقوبة وأغراضها ومراميها، سارعت التشريعات العقابية الحديثة إلى تبنيّها في ضوء ما تُحقّقه من إيجابيات ومزايا؛ تتجلّى خاصة في مستوى تأهيل المحكوم عليه وتجنيبه العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة. فالخدمة المُجتمعية إذًا تُعتبر صورة من صُور العقوبة في السياسات الجنائية الحديثة بامتياز، تهدفُ أساسًا إلى إصلاح الجاني وتهذيبه، وتقويم سلوكه. كما أنها تُعدُّ وسيلة فعّالة ﻟلحدِّ من مُشكلة ازدحام المؤسسات العقابية من جهة، والتخفيف من نفقاتها المكلفة اﻟﺘﻲ باتت ترهق الخزينة العامة من جهة ثانية، هذا بالإضافة إلى ما تُحقّقه من مزايا اقتصادية تنعكس إيجابًا على المقدّرات المالية للدولة. لذلك، يمكن القول عن صواب، إنّ هذه العقوبة تُعتبرُ من أهمّ بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة.
كلمات دّالة: عقوبة الخدمة المجتمعية، العقوبات البديلة، العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة، القانون الأردني، القانون القطري، القانون الإنجليزي.