المسؤولية المدنية عن الأضرار التي أصابت ركاب الرحلة «302» للخطوط الإثيوبية الناجمة عن انفجار طائرة بوينغ 737 ماكس 8
د. تركي مصلح حمدان
أستاذ القانون التجاري المساعد
برنامج القانون، كلية البريمي الجامعية
سلطنة عمان
الملخص
يعتبر النقل بواسطة الطائرات الوسيلة الأكثر أماناً على المستوى العالمي، إلا أنَّ ذلك لا يعني عدم تعرض مستخدمي هذه الوسيلة من وسائل النقل إلى الخطر؛ لذا عمد المشرع الدولي إلى تحديد التنظيم القانوني للمسؤولية المدنية عن الأضرار التي تلحق بالركاب والناشئة عن الحوادث الجوية، وقد برز ذلك من خلال اتفاقية وارسو لسنة 1929، واتفاقية مونتريال لسنة 1999 اللتين تبنتا موقفاً متوازناً روعيت فيه مصلحة الناقل الجوي من جهة، ومصلحة الراكب من جهة أخرى، إلا أنّه ورغم ذلك طرق النقص أحكامهما، فلم يمتد التنظيم القانوني لأحكامهما لمسؤولية صانع الطائرة عن الحوادث الجوية التي تعود لعيب ذاتي خفي فيها، وهي مسألة تُعد من أهم وأبرز المسائل القانونية التي تُثار المنازعات بشأنها أمام القضاء، وهو ما حدث في حادثة انفجار طائرة بوينغ طراز 737 ماكس 8 – الرحلة «302» للخطوط الإثيوبية.
ونطرح من خلال هذه الدراسة الإشكاليات التالية: هل يكفي ارتكاب الخطأ من قبل الناقل الجوي لإعمال قواعد المسؤولية التي شرعت حفاظاً على حقوق المضرور – المسافر؟ وما مسؤولية صانع الطائرة عما تسببه الطائرة المعيبة من أضرار لمستخدمي الطائرة من المسافرين ومستغليها؟ وما طبيعة التزام صانع الطائرة بضمان صلاحية المنتج للاستخدام؟
وتوصلت في نهاية الدراسة إلى مجموعة من النتائج يعد من أهمها: أن يلتزم الناقل الجوي ببذل العناية المعتادة بإعداد طائرته إعداداً أصولياً، وبالتالي لا يكون مسؤولاً عن أي خلل تقني يجهله أو تعذر عليه كشفه، إذا لم تكن ثمة دلائل تدل عليه، ولم يرد ذكره في دليل المستخدم، ولم يدرب الفريق التقني عن أعطال المنتج – الطائرة، ويمكن للناقل في سبيل دفع مسؤوليته والتحلل منها الاعتماد على شهادة صلاحية الطائرة، وشهادة المعاينة التي يقوم بها متخصصون للتأكد من جاهزيتها للإقلاع. وانتهت الدراسة كذلك إلى أنّ الاتجاه التشريعي السائد اليوم في قوانين حماية المستهلك يتجه إلى تشديد مسؤولية المحترف -صانع طائرة- والتي جعلت مسؤوليته مسؤولية موضوعية عن الأضرار الناتجة عن العيب الخفي في مُنتجه، وخاصة أنّ المسافر غير مسؤول عن وجود الخلل الفني في الآلة التي تستعمل لتزويده بالخدمة المطلوبة، بل يقع ذلك على عاتق مقدم الخدمة الناقل الجوي، والذي بدوره يثبت قيامه بكل ما يتوجب عليه من إجراءات لضمان أداء الخدمة المطلوبة.
وقد أوصت الدراسة بضرورة تعديل نصوص اتفاقيات القانون الجوي بإعادة صياغة نصوص المواد المتعلقة بدفع مسؤولية الناقل الجوي بإضافة عبارة (ما لم يكن الضرر راجعاً إلى عيب ذاتي في الطائرة)، كما أوصت بتعديل أحكام القانون الجوي وبيان شمول التعويض وآلية استحقاقه ومقداره بالنسبة لخلف المسافر المضرور، أو كل من يمسه الضرر المادي أو المعنوي نتيجة ما لحقه من أضرار مرتدة.
كلمات دالة: مسؤولية الناقل الجوي، أضرار الركاب، الحوادث الجوية، اتفاقية وارسو لسنة 1929، اتفاقية مونتريال لسنة 1999.