تفعيل نظام التأمين في أسواق المال لدعم الاستثمار وحماية صغار المستثمرين
د. علي أحمد المهداوي
أستاذ القانون المدني كلية القانون – جامعة الشارقة
الملخص
إنّ العمل في أسواق المال محفوف بالمخاطر، قد تعود إلى مدى ثقافة أو خبرة المتداول، أو إلى ممارسات غير مشروعة للشركات والوسطاء الماليين فيها، أو إلى تقلبات اقتصادية عالمية أو أخبار سياسية ذات تأثير على عملها ومجريات التداول فيها. وقد تعيّن لدعم الاستثمار فيها، وحماية المستثمرين، خلق أمانٍ استثماري ودعم نظم الحماية. وباستعراض ما اشتملت عليه فصول القانون رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته ظهر لنا أنه ذو طابع إداري، اهتمت مواده بإنشاء الهيئة، وهيكلها الإداري، واختصاصاتها الإدارية، وتنظيم التراخيص، وأحكام مخالفات ذلك التنظيم الإداري، مع مراعاة أنّ الحماية وأنظمة تفعيلها، التي وردت الإشارة إليها فيه، لم يرد بيانها أو تفصيلها في نصوصه، باستثناء الفصل الحادي عشر منه الذي يعدّ بالغ الأهمية من حيث إنه أتى بجديد تمثّل بإنشاء محكمة مختصة بنزاعات سوق الأوراق المالية، ونيابة خاصة به، وتخصيص دوائر استئنافية .. ولا يخفى ما في ذلك من مزايا التخصص وسرعة حسم النزاعات، لكن قد يرد عليه غلبة الطابع الجزائي والتأديبي من حيث إنّ ذلك ما وقع التفصيل فيه، مع ملاحظة خلّوه من نصوص صريحة في جريمة التستر التجاري، وذلك على خلاف الحماية المدنية التي دخلت ضمناً في اختصاص الدوائر غير الجزائية، دون تفصيل فيها مماثل. وهذا يعني استناد المستثمر المضرور إلى القواعد العامة في المسئولية المدنية، بما تحمله من صعوبات وأعباء معلومة تقع على عاتقه،ثمّ عرضنا تصوراتنا في تفعيل نظام التأمين، كوسيلة فاعلة في دعم الاستثمار وحمايته، وبسطنا في ذلك آلية توزيع أحكامه، من ذلك ضرورة جعل التأمين في أسواق الأوراق المالية تأميناً إلزامياً، مراعاة للمصالح العامة التي تترتب على عمل تلك الأسواق واستقرارها، وهذا يوجب تشريع نظام قانوني خاص به، وتنظيم وثيقة تأمين موحدة، وتعيين المؤمِّن شركة تأمين خاصة بأسواق المال تكون مملوكة للدولة أو لها رأس مال لا يقل عن 51{e574c6cff940d8d5a9ac538779c657d486556f11c838827e06e77ac326839f1b} فيها، تتبع هيئة أسواق المال، وذلك لضمان ملاءتها المالية، وحسن إدارتها، وثبوت الرقابة على أعمالها، يكون تمويلها من أقساط التأمين، ومن الاحتياطات النقدية للهيئة، وذلك جرياً على السياق التشريعي للقانون في تخصيص محاكم ونيابة عامة بأسواق المال، وأن يتم توزيع الأخطار المؤمن منها على أخطار الخسائر التي تصيب المستثمر الناشئة عن ممارسات غير مشروعة لأشخاص سوق المال، وأخطار الخسائر التي تصيب السوق جرّاء تقلبات اقتصادية أو سياسية، وبهذا الاعتبار فإنّ الخطر يكون غير معيّن، اعتباراً بتعيّنه وقت وقوعه لا وقت التأمين، وهو من جانب آخر خطر ثابت اعتباراً بعدم دخول الزمن عنصراً في تكوينه. فأمكن بذلك تقدير قسط التأمين وقت إبرام عقد التأمين. وقد يعدّ الخطر معيناً في صورة عرضناها، ثمّ درجنا على تعيين المؤمن له تبعاً لتعيين نوع الخطر، وطريقة تحديد قسط التأمين، والدائن بمبلغ التأمين أو الضمان الذي يلتزم به المؤمن، وطريقة رجوع المؤمن له على المؤمن، وحلول المؤمن محله.. ونحو ذلك من الأحكام التفصيلية للتأمين من المسئولية، ورفع بعض إشكالاتها. وقد ضمّنّا ذلك في مقدمة ومباحث ثلاثة، وخاتمة. تم تخصيص المبحث الأول في (المعالم العامة لقانون هيئة أسواق المال)، والثاني في (فاعلية التأمين في دعم الاستثمار)، والثالث في (فاعلية التأمين في حماية صغار المستثمرين)، واشتملت الخاتمة على نتائج البحث، وأربع توصيات.