تقييم النصوص الناظمة لحق المستهلك في الرجوع عن العقد في قانون حماية المستهلك الكويتي: دراسة مقارنة
أ.د. عدنان إبراهيم سرحان
أستاذ القانون المدني – مساعد مدير جامعة الشارقة لشؤون الفروع وعميد كلية المجتمع
العميد السابق لكلية القانون – دولة الإمارات العربية المتحدة
الملخص
قد لا يشوب إرادة المتعاقد إكراه أو غلط أو تغرير، ولكن تبقى إرادته معيبة بعيب التسرُّع وعدم التمهُّل، تحت تأثير وسائل دعاية متعددة، وطرق عرض مثيرة تستخدم فيها تقنيات فنية عالية تدفع المستهلك إلى التعاقد دون رضا تام، أو التعاقد على ما لا يحقق رغبته ومصلحته من السلع والخدمات. وشعوراً من المشرِّع بحاجة المستهلك للحماية من مخاطر تسرُّعه، فقد ذهبت الكثير من قوانين حماية المستهلك إلى تقرير حقه في الرجوع عن العقد بعد إبرامه وخلال مدة معينة إذا وجد أن العقد ليس في صالحه، وهو ما لم تكن تسمح به القواعد العامة للعقد الذي يحكمه مبدأ القوة الملزمة، والذي لا يسمح لأحد الطرفين أن يعود عنه بإرادته المنفردة.
وكان من أحدث القوانين العربية التي أخذت بهذا الحق قانون حماية المستهلك الكويتي رقم (39) لعام 2014. وقد حاولنا في هذا البحث تقديم دراسة تقويمية لنصوص هذا القانون الناظمة لحق المستهلك في الرجوع عن العقد دون أن يلزم بتقديم تبرير لرجوعه. وقد اتضح لنا أن القانون على الرغم من تقريره الحق بنص واضح في المادة العاشرة منه، إلا أنه قصر هذا الحق على مستهلك السلع دون الخدمات، التي لم يسمح بالرجوع فيها إلا إذا كانت الخدمة معيبة أو منقوصة. كما جاءت الاستثناءات التي قررها القانون على هذا الحق مبعثرة ومتداخلة في نصوص متعددة، وبعضها يصلح استثناءً على حق المستهلك في الرجوع المطلق، لكنها وضعت كاستثناءات على الحق في فسخ العقد لوجود عيب في السلعة أو عدم مطابقتها للمواصفات المعتمدة أو الغرض من التعاقد.
ولم تكن اللائحة التنفيذية للقانون بمنأى عن كل ذلك، حيث خالف بعض نصوصها نصوص القانون، واستحدثت في نصوص أخرى أحكاماً لا وجود لها في القانون، ولم يُخوّلها القانون صلاحية استحداثها، وكان من شأن تلك الأحكام الإضرار بحقوق المستهلك، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه اللائحة وقبلها القانون التي صدرت تنفيذاً له في صالح المستهلك ووجدت لحمايته.