جائحة فيروس كورونا وأثرها على تنفيذ الالتزامات العقدية
د. ياسر عبد الحميد الإفتيحات
أستاذ القانون المدني المشارك
كلية القانون – جامعة الغرير – الإمارات العربية المتحدة
الملخص
تعد الجائحة بصفة عامة – وجائحة فيروس كورونا بصفة خاصة- من أهم الأسباب المؤثرة على الالتزامات العقديةـ والتي تظهر تأثيراً على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، الذي يعد من الأسس الثابتة فقهاً وقانوناً والمتوافق مع قيم العدالة، وإلا فما قيمة العقود إن لم تُلزم أطرافها؟
لكن قوة الإلزام التي منحتها هذه القاعدة للعقد ليست مطلقة، فالعدالة في منحها قوة الإلزام هي التي تسمح باستثناءات عليها، لكن يلزم أن تكون الاستثناءات واضحة لكي لا تصبح هي الأصل، فتفرغ القاعدة السابقة من محتواها. وفي مسعى منا لمناقشة آثار جائحة كورونا التي سببت الخسائر الاقتصادية للكثير من الشركات التجارية، ومحاولة هذه الشركات اتخاذها سبباً لتعديل عقود العمل أو حتى فسخها، فإننا في بحثنا هذا نحاول تسليط الضوء على مفهوم الجائحة كما بيَّنه الفقه الإسلامي وعلى نظريتي القوة القاهرة والظرف الطارئ كما نص عليهما القانون المدني الفرنسي مع بيان موقف محكمة النقض الفرنسية من هاتين النظريتين.
وقد بيَّنا في نطاق البحث ضرورة مناقشة جائحة فيروس كورونا وبيان أبعادها القانونية والصحية والاجتماعية، ومناقشة الأسس التي تُعتمد إذا ما تم خرق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، ثم طرحنا إشكالية البحث المتمثلة بمدى قبول آثار هذه الجائحة في تعديل الالتزامات العقدية. وعليه ومن خلال دراسة تحليلية على ضوء الفقه الإسلامي الذي تحدث عن مفهوم الجائحة، وأهم ما أتى به الفقه والقضاء الفرنسي، فقد خلص البحث إلى أن الآثار التي تترتب على الجائحة تُقاس وفقاً لمعايير موضوعية ترتبط في غالب الأحيان بالجانب الاقتصادي للعقد، الذي يختل بوجود الجائحة ليمنح القاضي سلطة تقديرية في رفع الإرهاق عن المدين بعد مطالبة الأخير لذلك، إن لم يحكم بالأساس بفسخ العقد وفقاً للقوة القاهرة. وإن أهم ما يمكننا بيانه من توصيات يتمثل بضرورة أن ينظر لكل عقد على حدة، ولا يقاس على غيره مهما كانت الظروف ضمن ضوابط موضوعية.
كلمات دالة: القوة الملزمة للعقد، الجائحة الزمنية، فسخ العقد، انفساخ العقد، العقود الاحتمالية