جائحة فيروس كورونا وأثرها في أحكام القوانين الإجرائية: دراسة مقارنة

أ. د. ياسر باسم ذنون السبعاوي
أستاذ قانون الإثبات والمرافعات المدنية
كلية الحقوق – جامعة الموصل – العراق

الملخص

معلوم أن مصطلح الجائحة هو مصطلح تبنته منظمة الصحة العالمية، ووصفت به وباء كورونا المستجد. وفي إطار القوانين الإجرائية، الأصل في الدعوى أن تسير بصورة طبيعية، وفقاً للمنهج الإجرائي الذي رسمه قانون المرافعات المدنية بغية ختامها بالحكم الصادر فيها، إلا أن الدعوى لا تسير على هذا الوضع الطبيعي، وإنما قد تعتريها واقعة توصف بكونها جائحة، فإذا كانت هذه الواقعة مستقلة عن إرادة الخصم وغير متوقعة ولا يمكن دفعها، وأن من شأنها أن تجعل مباشرة الخصم للعمل الإجرائي مستحيلاً استحالة مطلقة، فأنها تعتبر من قبيل السبب الأجنبي.
وعلى هذا الأساس إذا توافرت الشروط المذكورة جميعها في جائحة فيروس كورونا، فإنه يترتب عليها نوعيان من الآثار بالنسبة للدعوى المدنية؛ فالأثر الأول، هو أثر مباشر وهو يتوزع على مرحلتين، فهو إما أن يحدث أثناء النظر في الدعوى المدنية، مثل وفاة أحد الخصوم، أو فقده أهلية التقاضي، أو زوال صفة من يباشر الخصومة نيابة عنه. وبالتالي فإنه يؤدي إلى وقف السير في الدعوى وبطلان الإجراءات المتخذة خلال مدة الوقف أو أن يحدث هذا الأثر المباشر بعد صدور الحكم بالدعوى المدنية، وتبلغ المحكوم عليه به، ومن ثم وفاته وذلك بحسب نوعية الحكم وصفته.
أما الأثر الثاني فهو الأثر غير المباشر، وهو يبدو في مجالين: الأول في القانون المدني، ويتمثل بانتفاء المسؤولية التقصيرية عن أي طرف من أطراف الرابطة الإجرائية والمكلف بالقيام بعمل إجرائي، والثاني في قانون الإثبات ويبدو في التيسير من عبء الإثبات الملقى على عاتق الخصم، من حيث نوعية الدليل، إذ يترتب على فقدان الدليل الكتابي (الرسمي أو العادي) بجائحة فيروس كورونا جواز إثبات الحق موضوع الدعوى بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة الشخصية والقرينة القضائية، بدلاً من الدليل الكتابي.
ولغرض تغطية هذه الفكرة وبشكل واف، توزع موضوع البحث على ثلاثة مباحث، تناول الأول منها التكييف القانوني لجائحة فيروس كورونا والتأصيل القانوني له في إطار القوانين الإجرائية، في حين تطرق المبحث الثاني إلى التعريف بجائحة (فيروس كورونا)، أما المبحث الثالث فإنه تناول الآثار الناجمة عن جائحة فيروس كورونا في أحكام القوانين الإجرائية.
وانتهت الدراسة في هذا البحث إلى ثلة من النتائج كان من أبرزها أن جائحة فيروس كورونا لا تخرج عن كونها صورة من صور السبب الأجنبي، سواءً أطلقنا عليها لفظ الآفة السماوية، أو الحادث الفجائي، أو لفظ القوة القاهرة، فهي كلها من صور السبب الأجنبي، كما انتهت إلى مجموعة من التوصيات من بينها توصية للمشرِّع العراقي والمشرِّع المقارن محل الدراسة المذكورة، إلى إيراد نص عام يشكل القاعدة العامة في القوانين الإجرائية، يكون من العموم والشمول، بحيث يستوعب في كل ثناياه فكرة السبب الأجنبي وبكل صورها وأنواعها، جائحة أو آفة سماوية أو حادث فجائي، أو قوة قاهرة، أو فعل الغير، أو خطأ المضرور، وأن يكون إيراد هذا النص في باب النظرية العامة لقانون المرافعات المدنية؛ لأن هذا الأخير يعتبر هو المرجع العام لكافة القوانين الإجرائية.

كلمات دالة: جائحة، سبب أجنبي، أحوال طارئة، إثبات، علاقة سببية.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)