جريمة الإثراء غير المشروع بين القبول والرفض: دراسة مقارنة
د. أنور محمد صدقي المساعدة
أستاذ القانون الجنائي المشارك – قسم القانون – كلية أحمد بن محمد العسكرية – الدوحة، قطر
الملخص
الإثراء غير المشروع وجه من أوجه الفساد الإداري والمالي يتمثل بزيادة كبيرة غير منطقية ولا مبررة بموجودات وممتلكات الموظف العام أو أحد أفراد أسرته أو من يُمثله قانوناً، أو بنقص كبير غير مبرر في الديون والأعباء المالية بشكل لا يتناسب وحجم الدخل والمرتبات التي يتقاضاها عن الوظيفة التي يشغلها، بالإضافة إلى عجزه عن تبرير أصول هذه الموجودات والممتلكات ومصادرها.
وهذا مظهر من مظاهر الفساد يتميز بصعوبة تعقبه وإثباته ومحاسبة مرتكبيه، لعدم وجود الأدلة الكافية للإدانة، مما يبرز إشكالية قانونية وواقعية تحتاج لدراسة وتفحص، كما تحتاج للحلول التي تضمن الحفاظ على المال العام. ومن قبيل حرص المجتمع الدولي على وجود التشريعات القانونية الناجعة لمكافحة الفساد، لجأت إلى تجريم الإثراء غير المشروع، وحثت الدول على أن تنحى هذا المنحى، ولكن، في الوقت ذاته، هناك جانب كبير من الفقه يُعارض هذا النوع من التجريم، من منطلق مخالفة الحقوق الأساسية التي أقرتها الشرائع والعهود والتشريعات، للإنسان عامة والمتهم خاصة، فهي تنتهك قرينة البراءة، وتعكس عبء الإثبات، وتحرم المتهم من حقه بالصمت.
وفي هذه الدراسة تم تناول الاتجاهات المؤيدة لتجريم فعل الإثراء غير المشروع والاتجاهات المعارضة لذلك، وفقاً لمنهج علمي تحليلي نقدي، كما تم تناول اتجاهات المواثيق الدولية والإقليمية والوطنية، بالإضافة للآراء الفقهية والقضائية التقليدية والمستحدثة حيال هذا الموضوع، وتم التوصل لضرورة وجود التشريعات التي تجرم مثل هذه الأفعال ولكن وفقاً لمجموعة من الضوابط التي تحفظ للمتهم حقوقه الأساسية، ولكنها تحافظ على المال العام وتمنع الفساد في الوقت ذاته.
كلمات دالة:
فساد، مال عام، موظف عام، كسب، مصادرة.