حق الطفـل فـي الاسـتماع إليه فـي القضـايا الجنـائية: دراسة استقرائية في القوانين الأنجلو أمريكية
د. أشرف سمحان
أستاذ القانون الجزائي المشارك
كلية الشريعة والقانون، جامعة الجوف
المملكة العربية السعودية
الملخص
يتناول هذا البحث إثبات أن للطفل الحق في أن يُسْتَمَعَ إليه، خاصة أن كثيرا من القوانين (مثل القوانين العربية) لاتزال لا تعترف بذلك، مع الأخذ في الاعتبار أن معظم هذه القوانين تقر اتفاقية حقوق الطفل التي تتضمن ذلك. ولإثبات وجود هذا الحق، سنبيِّن أولًًا أن هناك ما يثبت حق الطفل في الاستماع إليه، ثم أن هناك إجراءات قانونية موضوعة لحماية هذا الحق. ويكمن الهدف الأساسي من هذا البحث في إثبات حق الطفل في الاستماع إليه، وبذلك فهو يُوضِّح الأساس القانوني والمادي لهذا الحق، بالإضافة إلى التدابير القانونية التي قررها القانون لتمكين الطفل من ممارسة حقه في الاستماع إليه. ومن أجل تحقيق ذلك، فإن البحث يعتمد المنهج الاستقرائي، وهو يسعى إلى بيان ذلك في نطاق القوانين الأنجلو أمريكية، من خلال محورين، أولهما: يتناول الأدلة التي تثبت حق الطفل في الاستماع إليه. وثانيهما: يعرض الإجراءات القانونية المُقرَّرة لحماية هذا الحق.
وفي نهاية هذا البحث، توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج، من بينها حق الطفل في المشاركة الفعَّالة في الإجراءات القضائية، والذي لا يعني مجرد الاستماع للطفل من حيث المبدأ، بل يعني أيضًا مراعاة آراء الطفل واحترامها، وفق المقتضيات الشخصية المناسبة. كما خلص الباحث إلى أن هناك أدلة موضوعية أخرى، لا تتعلق بشخصية الطفل فقط، بل بحقوقه نفسها. ويشمل ذلك حقه في المساواة، وضرورة منع أي قيود تعسفية يمكن فرضها عليه.
وإلى جانب ذلك استنتج الباحث أن هناك فرقًا قانونيًًّا بين كفاءة الشاهد ومصداقيته، وأن حق الطفل في الاستماع إليه يتعلق بكفاءته في الإدلاء بالشهادة، وليس بالضرورة أن يكون مرتبطًا بمصداقية شهادته. كما تم التوصل أيضا إلى أن حق الطفل في الاستماع إليه يتطلب فرض التعديلات اللازمة على هذه القواعد، بما في ذلك الموازنة بين مصالح الطفل من جهة، وحقوق الدفاع من جهة أخرى، بمعنى الموازنة بين حماية الضعفاء، وهي الجهات الفاعلة في الإجراءات الجنائية (مثل الأطفال)، ومبادئ المحاكمة العادلة (التي يستفيد منها المتهم بالاعتداء عليهم)؛ من خلال توفير مقياس ديناميكي جديد للوضع القانوني للضحايا من الأطفال والشهود، في سياق العدالة الجنائية.
وانتهى الباحث، أخيرًا، إلى أن حق الطفل في التعبير عن وجهة نظره لا يُقصَد به أسلوب الحديث التقليدي؛ لأن القواعد المرتبطة بالتقاليد ترتكز على المشكلة الأساسية لموضوع شهادة الأطفال، وهي تتمثل في نظام العدالة الجنائية الإجرائية المُصمَّم أصلًا للبالغين، وليس للأطفال؛ ما يجعل أي محاولة لتطبيقها – بشكلها التقليدي – صعبة للغاية؛ خاصة فيما يتعلق بإزالة التوتر الذي قد يسيطر على الطفل عند الإدلاء بشهادته، بسبب مواجهة الأجواء الرسمية للمحكمة.
كلمات دالة: القوانين العربية، واتفاقية حقوق الطفل، والقيود التعسفية، ومصالح الطفل، ومبادئ المحاكمة العادلة.