حكم المحكمة الجنائية الدولية في قضية مالي وتحديد المسؤوليات الجنائية الدولية عن أعمال تخريب المباني الدينية والثقافية
أ.د. هادي شلوف
أستاذ القانون الجنائي الدولي – كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص
يعالج هذا البحث مجموعة من الإشكالات الجوهرية المتعلقة بالمسؤولية الجنائية الدولية عن أعمال التخريب وأعمال التحطيم والتخريب للمباني الدينية والثقافية والتراث البشري، وذلك من خلال دراسة وافية لحكم المحكمة الجنائية الدولية الخاص بقضية مالي.
إن البشرية لم تدرك بصفة عامة إلا بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية مدى بشاعة نتائج الحروب على التراث التفافي والديني للبشرية عامة مما استدعى مبادرة المجتمع الدولي لإقرار مجموعة من الاتفاقيات الدولية ومن أهمها معاهدة لاهاي لسنة 1954 والمتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية للبشرية والمباني الدينية والتراث البشري، وكانت هذه المعاهدة بداية ليقظة المجتمع الدولي لحماية التراث الإنساني. ولم تهتم الاتفاقيات الدولية بالجانب الجنائي إلا بعد أن تم التوقيع والتصديق على ميثاق أو اتفاقية روما لعام 1989 الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية والتي حددت الجرائم التي تدخل في اختصاصها ومن بينها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهو ما أعطى الحق للمحكمة الجنائية الدولية بملاحقة السيد أحمد الفقي، وهو المسؤول الرئيسي عن ارتكاب جرائم تحطيم مباني دينية في جمهورية مالي، حيث اعترف أمام المحكمة بمسؤوليته عن ارتكاب هذه الجرائم، وهو ما أدى إلى صدور حكم بسجنه.
في هذا البحث عرضنا ليس فقط للمسؤولية الجنائية الدولية على أعمال التخريب وتحطيم المباني، وإنما إلى حكم المحكمة الخاص بتعويض الأضرار التي نتجت عن هذا العمل الإجرامي، كما تعرضنا إلى التعويض المادي والمعنوي الذي أقرته المحكمة إلى أهالي المناطق التي تقع بها هذه المباني الدينية.
وقد توصل البحث في خاتمته إلى عدة نتائج من أهمها ضرورة الاهتمام والتعاون الدوليين ليس فقط بالنسبة لتحديد المسؤوليات الجنائية الناتجة عن الحروب، وإنما أيضاً بالنسبة لمكافحة كل الجرائم المتعلقة بتحطيم المباني الدينية والأثرية، كما أننا أشرنا إلى بعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة سرقة ونقل الآثار والتحف والإتجار بهاء من مكان إلى آخر والتي يجب تفعيلها على أرض الواقع وربطها بالمسؤولية الجنائية للملاحقة داخليا ودوليا.
كلمات دالة:
مسؤولية، المحكمة الجنائية الدولية، ثقافية، تحطيم، مالي.