رقابة محكمة التمييز على ركن الخطأ في المسؤولية التقصيرية
د. صالح ناصر العتيبي
أستاذ مشارك في كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص
كان الخطأ ولا يزال محور المسؤولية المدنية في أصلها العام تدور معه وجوداً وعدماً، فحيث يثبت خطأ المسؤول تقوم مسؤوليته المدنية عن تعويض المضرور، والعكس صحيح، فلا مسؤولية دون خطأ حتى ولو ترتب على الفعل ضرر بالغير طالما لم يوصف بأنه فعل خاطئ . هذا ما قررته المادة (227) من القانون المدني الكويتي في مجال المسؤولية التقصيرية الأوسع نطاقاً من المسؤولية العقدية من حيث إنها لا تتطلب وجود عقد لقيامها، فأي فعل مهما كان يوصف بأنه خطأ تقوم معه مسؤولية المخطئ.
ولم يعرِّف القانون المدني الكويتي الخطأ تاركاً أمره – على حد قول مذكرته الإيضاحية – لاجتهاد الفكر القانوني ليضفي عليه ما ينبغي من مرونة وانطلاق، وذلك حتى يتلاءم مع تطور المجتمع وما يحصل له من متغيرات، ومن ثم يكون المشرع قد أوكل إلى القضاء – وعلى وجه الخصوص محكمة التمييز – كونها محكمة قانون – مهمة الحكم على سلوك ما بأنه خطأ أو أنه لا يعد كذلك، وهي مهمة لم تكن سهلة بعدما اكتفى القانون بالركن المادي للخطأ وهو التعدي دون ركنه المعنوي وهو الإدراك والتمييز، فباعد بذلك الخطأ القانوني عن الخطأ الأخلاقي.
وتقدير وجود الخطأ يختلف بحسب ما إذا كان هناك حكم جزائي بالإدانة عندئذٍ يعد خطأً، أما البراءة فلا تعني انتفاء الخطأ وإنما يتوقف على سبب البراءة، كما يختلف الأمر بحسب ما إذا كان الفعل يشكل مخالفة لنص قانوني معين، ومن ثم يعد خطأ، وإذا لم يكن كذلك فيكون الحكم على سلوك معين بأنه خطأ من عدمه وفقاً لمعيار الشخص المعتاد، وكل ذلك من أجل تعويض المضرور.