مدى تدخل القضاء الرسمي في إطار الأحكام الصادرة بالتحكيم في منازعات العقود الإدارية
أ. د. مهند مختار نوح
أستاذ القانون العام
كلية القانون
جامعة قطر
الملخص
يناقش هذا البحث مدى تدخل قضاء الدولة في الأحكام التحكيمية الصادرة في منازعات العقود الإدارية، وذلك في مرحلتي الطعن بهذه الأحكام من جهة، وإكسائها صيغة التنفيذ من جهة أخرى، وتبرز أهميته من خلال كون هذا التدخل محدوداً بالنسبة للأحكام التحكيمية الصادرة في منازعات القانون الخاص، حيث إن القاعدة هي الطعن بهذه الأحكام بالبطلان، وهو طريق مقيد للطعن، وتعد رقابة القاضي ضيقة جداً في مرحلة إكساء الحكم التحكيمي صيغة التنفيذ، مما يطرح التساؤل فيما إذا كان هذا النمط من التدخل متبعاً أيضاً في إطار أحكام التحكيم الصادرة في منازعات العقود الإدارية، أم أن هناك خصوصية في هذا المجال، تجعل لقضاء الدولة دوراً أكبر في مرحلتي الطعن بالأحكام التحكيمية الصادرة في منازعات العقود الإدارية، وإكسائها صيغة التنفيذ؟
لذلك فإن الدافع إلى اختيار هذا البحث يتمثل في البحث في خصوصية تعامل قضاء الدولة مع الأحكام التحكيمية الصادرة في منازعات العقود الإدارية، وتميزها عن تعامل قضاء الدولة مع الأحكام التحكيمية الصادرة في منازعات القانون الخاص، بحيث يكون طريق الطعن أكثر فعالية واتساعاً، وتتسع رقابة قضاء الدولة عند إكساء الأحكام التحكيمية صيغة التحكيم، وذلك كله بسبب خصوصية هذه العقود، بحكم تعلق القواعد التي تحكمها بالنظام العام، واتصال محلها بالأموال العامة.
وسيتم التطرق إلى مفردات البحث من خلال المقارنة مع النظامين القانونيين السائدين في فرنسا وقطر، وسبب اختيار القانون الفرنسي أنه نظام قانوني متطور وحديث في الموضوع بحكم أن الاجتهاد القضائي توصل إلى وجود خصوصية في الطعن بالأحكام التحكيمية الصادرة في منازعات العقود الإدارية، وكذلك وجود خصوصية بالنسبة إلى إكساء هذه الأحكام صيغة التنفيذ، في حين تم اختيار القانون القطري للمقارنة بحكم أنه مازال يأخذ بالمنهج التقليدي السائد في الدول العربية عموماً، وهو الطعن بالأحكام التحكيمية في منازعات العقود الإدارية بطريق البطلان حصراً، وبمحدودية رقابة القاضي عند إكساء حكم التحكيم صيغة التنفيذ، إضافة إلى أن قانون التحكيم القطري جعل الطعن في هذه الأحكام التحكيمية للقضاء العادي لا الإداري.
وتم تقسيم البحث إلى مبحثين، في أولهما تمت معالجة دور قضاء الدولة في الحكم التحكيمي الصادر في منازعات العقود الإدارية، وفي ثانيهما دور قضاء الدولة في معرض إكساء الأحكام التحكيمية صيغة التنفيذ، وتم الأخذ بشكل رئيسي بالمنهج المقارن.
وأهم النتائج التي تم التوصل إليها في البحث تلك المتعلقة باختصاص القضاء الإداري بالطعن بالحكم التحكيمي الصادر في منازعات العقود الإدارية، وذلك بطريق الاستئناف، ولو كان العقد دولياً، طالما تعلق الأمر بعقد إداري من العقود الكبرى، وبحكم تحكيمي صادر في فرنسا، وطالما كان العقد سينفذ فيها. كما يختص القضاء الإداري بإكساء هذه الأحكام صيغة التنفيذ، بالنسبة لكل الأحكام التحكيمية الداخلية والدولية، وأياً كان مكان صدورها، مع اتساع رقابة القضاء الإداري، لتشمل مدى مراعاة الحكم التحكيمي للقواعد المتعلقة بالنظام العام التي تحكم العقود الإدارية، وقد تم التوصل إلى اقتراح أن يتم الأخذ بذلك في دولة قطر، حفاظاً على الكيان القانوني للعقود الإدارية من جهة، وحماية للمال العام الذي تتعلق هذه العقود به من جهة أخرى.
كلمات دالة: القضاء الإداري، النظام العام، إكساء صيغة التنفيذ، الاستئناف، البطلان.