نطاق الحماية الجزائية للحق في الخصوصية دراسة مقارنة
د. مسعود بن حميد المعمري
رئيس قسم القانون العام – كلية الحقوق – جامعة السلطان قابوس سلطنة عمان
الملخص
حالة الخصوص لغة: هي نقيض العموم، فيقال: خصَّ فلاناً بكذا خصاً وخصوصية، والفتح أفصح، و»خصه» بالشيء صار خاصاً به، والخاصة ضد العامة.
لا نجد لتعريف الخصوصية اصطلاحاً تعريفياً أكثر تناسباً مع موضوع دراستنا من تعريف معهد القانون الامريكي الذي يعرِّف الحق في الخصوصية من زاوية المساس به حيث نص على أن:» كل شخص ينتهك بصورة جدية وبدون وجه حقٍّ، حقَّ شخص آخر في أن لا تتصل أموره وأحواله إلى علم الغير، وألا تكون صورته عرضه لأنظار الجمهور يعتبر مسؤولاً أمام المعتدي عليه».
ونعتقد من جانبنا أن الحق في الخصوصية، هو حق الشخص في أن يعيش حياته بسكينة مكفولة بأعلى قدر من الحماية في حال تدخل الغير ومساسه بخلوته وخدش سريته.
– مضمون الحق في الخصوصية:
على الرغم من الاختلاف الكبير والجدل الفقهي المتشعب بين الأمم حول إيجاد مفهوم للحق في الحياة الخاصة نظراً لاختلاف الثقافات، فما يراه شعب من الخصوصية قد لا يعتبره شعب آخر كذلك، إلا أن معظم الشعوب تشترك في الاعتراف بحق الإنسان في حرمة مسكنه، وحقه في السرية وعدم الاطلاع على مراسلاته باعتبار ان هذه الحرمة لا تشكل خطراً على أمن وسياسة الدولة.
لذلك فمن الطبيعي ان ينضوي تحت لفظ «الحق في الخصوصية» عدد غير محدد من الحقوق قابل للزيادة والنقصان، ففي فرنسا تعد ذمة الشخص المالية من أهم خصوصيات الفرد، بينما في أمريكا يتم نشر ما يتعلق بالذمة المالية بشكل دائم ومنتظم، فلعدم استقرار فكرة الخصوصية أثر في صعوبة حصر العناصر المكونة لها، وسنكتفي بعرض بعض هذه العناصر تاركين لمن أراد الاستزادة الرجوع إلى المصادر المتخصصة.
إذا كان قانون الجزاء يكفل حماية موضوعية للحق في حرمة الحياة الخاصة بتجريم الاعتداء عليه، سواء حدث هذا الاعتداء من الأفراد العاديين، أم من أحد رجال السلطة العامة، حيث إن قانون الإجراءات الجزائية من خلال ما ينظمه من إجراءات كشف الحقيقة وإقرار سلطة الدولة في العقاب، فهو يُعد ضماناً أساسياً في ذاته لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم، وتظهر هذه الضمانات جلية أذا ما تعرض الإنسان لشبهات الاتهام، حيث يرجع إلى ما يضفيه قانون الإجراءات الجزائية من أحكام تتيح له وسائل الدفاع عن نفسه لإثبات براءته، وتتحقق حماية الحق في حرمة الحياة الخاصة كواحد من حقوق الإنسان من خلال وسائل إجرائية عديدة وأهمها الحق في حرمة الحياة الخاصة، وقاعدة مشروعية الدليل الجنائي، وتكون محل دراسة (المطلب الأول) والحق في حرمة الحياة الخاصة ومبدأ الأصل في الشخص البراءة (المطلب الثاني).