استجابة نيوزيلندا القانونية للتحديات التي تفرضها الاتصالات الإلكترونية: تحليل الغرض والفعالية لقانون الاتصالات الرقمية الضارة لعام 2015 في مكافحة التنمر عبر الإنترنت
د. ميرا ويليامسون
أستاذ مساعد – كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص
الصور الشخصية والرسائل ومقاطع الفيديو ورسائل البريد الإلكتروني: ما هي الحماية التي يجب أن يقدمها القانون عندما يتم نشر مثل هذه الأنواع من الرسائل في الفيسبوك، إنستاغرام، واتس آب أو تويتر، بقصد إيذاء شخص آخر؟
في نيوزيلندا، صدر قانون الاتصالات الرقمية الضارة لعام 2015 (HDCA) لمعالجة المشاكل الناجمة عن الاتصالات الإلكترونية التي تسبب ضررًا للآخرين. ويعتبر هذا القانون هو الرد الرئيسي القانوني للمشرع النيوزيلندي من أجل مكافحة التحدي الجديد من البلطجة (التنمر) الإلكترونية. يوازن القانون بين الحق في حرية التعبير وحق كل فرد في الخصوصية والحماية من الضرر العاطفي في العصر الرقمي. فهو يخلق جريمة جديدة تسبب الضرر من خلال نشر الاتصالات الرقمية. كما يقدم نظامًا لإنفاذ القانون المدني يمكن من خلاله إزالة أي محتوى ضار أو غير قانوني.
سوف تتناول هذه الورقة ماهية (قانون الاتصالات الرقمية الضارة) وما لا يتضمنه. لا يهدف القانون إلى حماية الناس من التشهير (الكلام الكاذب والذي قد يضر بالسمعة) لأن هناك قوانين مدنية أخرى تقوم بهذا الدور. ولا يسعى كذلك إلى حماية الشخصيات السياسية أو الحكومة من انتقادات الصحافيين ومستخدمي تويتر والمدونين – لا يوجد قانون في نيوزيلندا يقوم بهذا الدور – ذلك لأن هذا النقد محمي بموجب أحكام “حرية التعبير” الواردة في قانون الحقوق النيوزيلندي لعام 1990 .
إن لهذا القانون هدفان. أولًا، يهدف إلى “ردع ومنع وتخفيف الضرر الذي يلحق بالأفراد عن طريق الاتصالات الرقمية”. وثانيًا، يهدف إلى “إتاحة وسيلة سريعة وفعالة لضحايا الاتصالات الرقمية الضارة للحصول على الإنصاف”.
وسوف تنقسم هذه الورقة إلى خمسة أجزاء.
سيشرح الجزء الأول بإيجاز “الأذى” الذي سعى هذا القانون لمعالجته بما في ذلك عمل لجنة القانون في هذا المجال. وسوف يستعرض أيضًا المخاوف من أن هذا القانون سيقوم بخنق حرية التعبير.
سيسلط الجزء الثاني الضوء على الأحكام الرئيسية للقانون، بما في ذلك غرضه وتعاريفه. ويعرف مفهوم “الضرر” – أحد أهم هذه المصطلحات – بأنه “اضطراب نفسي خطير”. وقد فسرت المحاكم هذا المصطلح حتى الآن على نطاق واسع. ويعرف مصطلح “الاتصالات الرقمية” ليشمل أي شكل من أشكال الاتصال الإلكتروني. وهكذا، ترتكب جريمة في نيوزيلندا إذا ما أدى نشر الاتصالات الرقمية إلى “اضطراب نفسي خطير”. وسيشرح هذا الجزء النظم المدنية والجنائية التي أنشأها القانون. وسوف يشرح “مبادئ الاتصالات” العشر. سيصف الوكالة، التي تسمى بـ”شبكة آمنة”، والتي تتلقى شكاوى من أي أفراد يعتقدون أنهم قد تعرضوا للأذى. لهذه الوكالة سلطة قانونية لإحالة أي شكوى إلى محكمة المقاطعة، والتي يمكنها، في جملة أمور، أن تطلب من مزودي خدمة الإنترنت “إزالة” المادة المسببة للضرر والأمر بتقديم اعتذار.
وسيحلل الجزء الثالث بعض الحالات الأكثر أهمية. في عام 2017، أصدرت المحكمة العليا قرارها الأول بشأن قانون الاتصالات الرقمية الضارة. لم تكن هناك سوى ثلاث قضايا في المحكمة العليا وقضية واحدة في محكمة الاستئناف حتى الآن. قانون الاتصالات الرقمية الضارة هو قانون جديد ومتطور، حيث إن آخر قرار صدر في ديسمبر عام 2017.
وقد يقدم الجزء الرابع تحليلاً مقارنًا موجزًا يقارن تشريعات نيوزيلندا مع مجموعة من القوانين المماثلة في ولايات قضائية أخرى بما فيها الكويت.
وسيختتم الجزء الخامس الورقة بتقديم مجموعة موجزة من التوصيات في ضوء التجربة التشريعية النيوزيلندية. وسيذكر هذا الجزء أيضًا مركز نيوزيلندا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في جامعة أوكلاند. حيث إن هذا المركز لديه الكثير ليقدمه في هذا المجال، كتقديم المشورة والبحوث والتحليل القانوني في مجال يواجه التحديات سريعة التطور. إن الاتجاه الحالي هو أن قانون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات آخذ في الظهور كمقرر هام للتدريس في الجامعات في نيوزيلندا والعالم.
وقد توفر هذه الورقة رؤى مفيدة للأكاديميين وصانعي السياسات والمشرعين في الولايات القضائية الأخرى التي قد تواجه مجتمعاتها تحديات مماثلة والتي قد تنظر في الاستجابة القانونية الأكثر فعالية.