مهمة الالتزام بالشريعة والصيرفة الإسلامية: رؤى قانونية وتطبيقات قضائية
د. غالب البلوشي
أستاذ مساعد – كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص
على عكس التمويل التقليدي، فإن التمويل الإسلامي يجب أن يلتزم بقيم ومبادئ الشريعة الإسلامية. بسبب ذلك، يعتقد المستثمرون من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء بأن العمليات المالية والمصرفية الإسلامية مختلفة وبأنها بعيدة عما قد يشوب العمليات المالية والصيرفة التقليدية من عدم الاستقرار ومخاوف ترتبط بأخلاقيات هذا العمل.
وكما لا يخفى، فإن زيادة عدد المستثمرين من المسلمين وغير المسلمين من شأنه أن يمكن التمويل الإسلامي من أن يلعب دوراً جوهريا في النمو الاقتصادي. ولكن ذلك، يعتمد بشكل أساسي على تطور هذه الممارسات بشكل يبرز إمكانياتها الحقيقية، والتي تقوم على حقيقة كونها متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
في حين أنه من الضروري إثبات أن العقود المبتكرة في العمليات المالية والمصرفية الإسلامية تعتبر قانونية ومتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، فإن أساليب التمويل والصيرفة الإسلامية المستخدمة حاليا ليست خالية من الشك، بل وتخضع في الواقع لخطر كونها غير متوافقة مع قواعد الشريعة الإسلامية.
في هذا السياق، تتناول هذه الورقة البحثية مختلف آراء الباحثين الشرعيين فيما يتعلق بالعمليات المالية الإسلامية من أجل بيان الحاجة لما يسمى بمهمة “الالتزام الشرعي» بخصوصها. وتلاحظ الدراسة بأن الممارسات المالية والصيرفة الإسلامية الحالية ليست خالية من التحديات القانونية والقضائية.
وبالإشارة إلى الأحكام القضائية الصادرة في عدد من القضايا المهمة، فإن الدراسة تستنتج بأن مجرد الموافقة على المنتجات أو المعاملات المالية بشكل منفرد من قبل علماء شرعيين أو من قبل الهيئات الشرعية التابعة للمؤسسة المالية الإسلامية في الحقيقة لا يعد كافيا لبناء الثقة اللازمة من أجل تطوير التمويل الإسلامي وتمكينه كبديل عن التمويل التقليدي.
ومن أجل تعزيز ما يسمى بمهمة “الالتزام الشرعي”، أخيرا تشير الدراسة إلى تطور الاتجاه الجديد المتمثل في إنشاء “هيئة شرعية عليا أو هيئة شرعية مركزية”. وفي هذا السياق تجدر الملاحظة، بأن الهدف من وجود مثل هذه “الهيئات” قد يمكن أن ينحصر أو لا يتجاور حدود “تنسيق الممارسات المالية والمصرفية الإسلامية” على مستوى الدولة نفسه. وتستنتج الدراسة، بأن التغلب على التحديات القانونية والقضائية المتعلقة بمهمة “الالتزام الشرعي” يحتاج إلى إجراء تغييرات تشريعية وقضائية، والتي تستلزم إعطاء هذه “الهيئات” سلطات حقيقية تمكنها من إضفاء رقابة جدية فيما يخص مهمة “الالتزام الشرعي”، وتعيين محاكم متخصصة للفصل في المنازعات المتعلقة بها من أجل تفعيل الرقابة وجعلها أكثر كفاءة.