حقيقة الدور «المصدري» للاجتهاد القضائي في القانون المدني «الواقعية القانونية» دراسة مقارنة بين المدرستين الفرنسية والعربية – القوانين المصرية والسورية واللبنانية مثالاً
أ. د. محمد عرفان الخطيب
أستاذ القانون المدني
كلية أحمد بن محمد العسكرية
الدوحة – قطر
الملخص
يقدم البحث دراسة أكاديمية تأصيلية تبحث في حقيقة الدور المصدري للاجتهاد القضائي في القانون المدني، ضمن المدرستين الفرنسية والعربية، معتمدين كمُعبّر عن هذه الأخيرة، كلاً من القانون المصري والقانون السوري والقانون اللبناني، بهدف إثبات حقيقة هذا الدور، عبر القراءة المتأنية للدور الابتكاري للقاضي المدني، باعتباره إحدى الأدوات المساهمة في تَكوُنِ الفكر القانوني المُبلور للقاعدة القانونية الوضعية الصادرة عن المشرِّع، تمهيداً لإعادة النظر في الموقف التقليدي تجاهه، لتمكينه من أن يأخذ مكانته المستحقة ضمن المنظومة القانونية المدنية لهذه الدول، وأملًا في تقديم مساهمةٍ عربية تساعد في الوصول لفهم أكبر لهذا الدور في المدرستين الفرنسية والعربية، وذلك وفق منهج تحليلي نقدي مقارن، يعرض في القسم الأول، للتحليل التأصيلي المعمق لطبيعة العمل الابتكاري القضائي، ويتناول في الثاني، لحالة التقاسم الفعلي لعملية صياغة النص القانوني بين الاجتهاد القضائي والتشريع.
وقد أثبت البحث أن القاعدة القانونية، إن كانت ترتكز لبعد موضوعي «التحليل»، وبعد شكلي «الإصدار»، إلا أن سمة الابتكار الحقيقي لها تستند للبعد الموضوعي لا الشكلي، ما يجعل المقولة الفقهية القائمة على أن القضاء ناطق بالقانون لا صانع له، في غير محلها، مثبتاً أن القاضي، في التأصيل المعمق هو صانع للتشريع لا ناطق به، بينما المشرِّع هو الناطق لا الصانع. خلاصةٌ توجب على المشرِّع في كلا المدرستين مراجعة دقيقة وفعلية لحقيقة هذا الدور، بما يتيح منحه الاعتراف الرسمي المطلوب، بدوره المصدري الفعلي لا المصطنع، كما منحه المكانة التي يستحقها في التدرج القانوني لمصادر القانون ضمن أنظمتها القانونية.
أمنيتان بسيطتان … عصيتان! بقدر بساطتهما في التحليل النظري، بقدر صعوبتهما في التطبيق العملي! أقله بسبب الموروث الفلسفي والفكري لسطوة التشريع على الاجتهاد، في المدرسة اللاتينية، الجذر المؤسس لهاتين المدرستين، دون أن يعني ذلك استحالة تحققيهما في قادم الأيام.
كلمات دالة: الاجتهاد القضائي، الأحكام القضائية، الدور الابتكاري للقاضي، المبادئ القانونية، القوانين التفسيرية.