أ.د. بدرية عبد الله العوضي

لم يكد عالم الأعمال والاقتصاد ينسى أزمة شركة فولسفاجن الألمانية التي زورت نسب تلويث البيئة في أحد موديلات سياراتها، حتى تفجرت مؤخرا فضيحة جديدة في اليابان، وكانت بطلتها شركة السيارات الشهيرة «ميتسوبيشي»، والتي زورت هي الأخرى في نسب استهلاك الوقود بالنسبة لمئات آلاف السيارات، وهو ما شكل صدمة عالمية واسعة، إزاء ممارسات وتعاملات من المؤكد أن آثارها السلبية ستبرز تباعا على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمالية.
مما لاشك فيه أن العيينات السابقة من أعمال وسلوك الشركات ومديريها تعكس أزمات متعددة الأوجه، إدارية اقتصادية، رقابية وحكومية، وأخلاقية مجتمعية. كما تعكس أيضا أزمة نظم الحوكمة ومعايير الرقابة والمتابعة من طرف الجهات المنظمة، والتي كثر الحديث عنها منذ نهاية القرن العشرين إبان أزمات الشركات والأسواق الأمريكية والعالمية، لكن فاعليتها تبدو غير كافية، مما يستدعي إعادة البحث والنقاش والتنظيم. ومما لاشك فيه أن الشركات والأسواق المالية العربية كانت ولا تزال تعاني من ظواهر مماثلة إن لم تكن أشد، وذلك في إطار مظاهر العولمة التي تشمل كل شيء بما في ذلك مظاهر الخلل والقصور والفساد ومحدودية الأداء والرقابة والشفافية والنزاهة، وهو ما يجعلها مشمولة بضرورات المراجعة والتطوير.
وفي ضوء ذلك، فإن قضايا وتحديات الحوكمة وأسواق المال في المجال القانوني تكتسب أهمية وزخما متزايدا، وهو ما استدعى من كلية القانون الكويتية العالمية أن تخصص مؤتمرها العلمي السنوي الثالث لمناقشة «الحوكمة والتنظيم القانوني لأسواق المال»، والذي تقدم للمشاركة فيه أكثر من ثمانين (08) مفكرا وباحثا من داخل الكويت وخارجها، وتم اختيار أربعين (04) منهم، سيقدمون (73) بحثا، وهو الأمر الذي يعكس أهمية الموضوع بالنسبة للنخب القانونية العربية والأجنبية، كما يعكس الثقة المتزايدة في كلية القانون الكويتية العالمية باعتبارها منبرا أكاديميا لمناقشة وبلورة الاجتهادات القانونية في القضايا المستجدة.
ومن جهتها، وفي إطار الاهتمام بهذا المؤتمر، وبالنظر إلى أن البحوث المقدمة محكمة وتخضع لمعايير النشر لديها، قررت مجلة كلية القانون الكويتية العالمية إصدار ملحق خاص من جزئين لنشر البحوث المقدمة، أولهما يضم عشرين (02) بحثا وسيوزع خلال المؤتمر، وثانيهما سيصدر خلال شهر سبتمبر ليضم باقي البحوث، وذلك تحقيقا لهدفها في نشر وتشجيع البحث العلمي في الأوساط العلمية القانونية العربية والدولية.
وبهذه المناسبة، فإنها إذ ترحب بالسادة المفكرين والباحثين المشاركين في المؤتمر، فإنها تجدد الدعوة لهم وللباحثين العرب والأجانب لنشر أبحاثهم على صفحاتها في الموضوعات القانونية المختلفة.