اتجاهات القضاء الكويتي في مسؤولية متولي الرقابة

د. صالح ناصر العتيبي
أستاذ مشارك في قسم القانون الخاص – كلية القانون الكويتية العالمية

الملخص

الأصل في المسؤولية عن العمل غير المشروع وفقاً للقانون المدني الكويتي، أنها مسؤولية عن العمل الشخصي، فلا يُسأل الشخص إلا إذا ارتكب ما يؤدي إلى وقوع ضرر للغير. وإلى جانب هذه المسؤولية أوجد القانون، لمصلحة المضرور، مسؤولية استثنائية وفيها يُسأل الشخص لا عن عمله الشخصي بل عن عمل الغير، نظراً لوجود رابطة معينة تربطه بهذا الغير. ومسؤولية متولي الرقابة هي أحد أنواع المسؤولية عن عمل الغير، لأنها مسؤولية استثنائية تقررت خلاف الأصل، فقد وضع لها القانون شروطاً لا يجوز التوسع فيها، وآثاراً ينبغي عدم تجاوزها. وبتتبع ما عثرنا عليه من أحكام وجدنا اتجاهاً لدى القضاء الكويتي فيما يتعلق بنطاقها، أكد من خلالها أن هذه المسؤولية لا تشمل الضرر الذي يلحقه الخاضع للرقابة بنفسه. كما لمسنا منه ميلاً نحو تقرير مسؤولية متولي الرقابة عن عمله الشخصي أكثر من تقرير مسؤوليته عن عمل الغير. وهذا الاتجاه لا شك أن فيه رعايةً واهتماماً بالشخص الخاضع للرقابة نظراً لحاجته لذلك، فهو إما قاصر أو لديه إعاقة عقلية أو جسمية، وخصوصاً أن تطبيق مسؤولية متولي الرقابة عن عمل الخاضع لرقابته بوصفها مسؤولية عن عمل الغير تسمح لمتولي الرقابة بالرجوع على الخاضع لرقابته بما دفعَهُ للمضرور، وعلى خلاف المسؤولية عن العمل الشخصي وفيها لا يكون لمتولي الرقابة الرجوع على الخاضع لرقابته، فهي مسؤولية أصلية وليست استثنائية، وقد يكون هدف القضاء من ذلك أن يقوم متولي الرقابة بواجباته في رقابة من هو خاضع لرقابته على نحو ما ينبغي، سواء كان متولي الرقابة أباً أو معلماً في مدرسة أو مشرفاً في حرفه، وهذا ما بيناه في المبحث الأول. أما في المبحث الثاني فقد تناولنا فيه اتجاه القضاء الكويتي فيما يتعلق بالأساس القانوني لمسؤولية متولي الرقابة، سواء من حيث التحقق من وجود تكليف بالرقابة، أو من حيث قيام مسؤولية متولي الرقابة على خطأ مفترض في الرقابة، أو من حيث طرق دفع هذه المسؤولية. وقد تبين لنا أيضا تشدُّد القضاء في هذه الأمور مستهدفاً في ذلك مصلحة الخاضع للرقابة. وكذلك الأمر بالنسبة لمدى حق متولي الرقابة في الرجوع على الخاضع لرقابته بما دفعَهُ للمضرور. ولعل ذلك يجد تبريره في أن الشخص الخاضع للرقابة هو في كل الأحوال إنسان ضعيف يحتاج إلى رعاية واهتمام, كما أنه في أغلب الأحوال غير مقتدر مالياً.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)