التطورات القضائية الحديثة للطعن في عقود الدولة «دراسة مقارنة»
د. يحيى محمد مرسي النمر
أستاذ مساعد القانون العام كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص
يهدف هذا البحث إلى دراسة التطورات القضائية الحديثة للطعن في عقود الدولة في كل من فرنسا ومصر والكويت، وتوصلت الدراسة إلى أن مجلس الدولة الفرنسي بعد أن طبق لوقت طويل مبدأ نسبية آثار العقد، وتبنى نظرية الإدماج « Théorie de l’incorporation»، فيما يتعلق بالقرارات الإدارية التي تدخل في تكوين العقد؛ قام بهجرها وتبنى نظرية القرارات المنفصلة «Théorie des actes détachables»، كما نص المشرع الفرنسي في قانون حقوق وحريات الوحدات المحلية «Droits et libertés des communes, des départements et des régions»، الصادر في 2 مارس 1982 أن لممثل السلطة المركزية الطعن بتجاوز السلطة ضد العقود التي تبرمها تلك الهيئات، ثم أرسى مجلس الدولة مبدأ جديدا والذي قبل فيه الطعن على العقد ذاته «Le contrat lui-même» من الغير أمام قاضي العقد بولاية قضاء كامل « Pleine juridiction ».
وتوسع مجلس الدولة المصري في قبول الطعون المرفوعة ضد العقود التي تبرمها الدولة ليبطل منها العقود المشوبة بإهدار المال العام؛ فبدأ بتبني نظرية القرارات القابلة للانفصال منذ نشأته، ثم تبنى دعوى الحسبة في مجال حماية الأموال العامة؛ حيث اكتفي بصفة المواطن لقبول تلك الدعاوى، ثم أكد على تبنيه «لنظرية القرارات القابلة للانفصال عن أعمال السيادة» في مجال الطعن على تلك العقود؛ وكان لذلك التوسع أثره في تقييد دوره في تلك الرقابة من قِبل المشرع.
ولم تتوسع الدائرة الإدارية في الكويت في قبول الطعون المرفوعة ضد العقود التي تبرمها الدولة، وقبل نشأتها بالمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 اختص القضاء العادي بنظر كافة المنازعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة، وطبق نظريات وقواعد القانون الإداري في مجال العقود الإدارية، وتبنت الدائرة الإدارية منذ نشأتها نظرية القرارات الإدارية القابلة للانفصال، ونص القانون رقم 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات على أن تحدد غرفة أو أكثر تختص بنظر الطعون في عقود الدولة، والتي نأمل من خلال هذا البحث أن تتبنى المبادئ الحديثة التي أرساها مجلس الدولة الفرنسي دون أن يصل ذلك إلى جعل تلك الدعاوى من قبيل دعاوى الحسبة كما ذهب إلى ذلك مجلس الدولة المصري.