الضمانات الدستورية للحريات الاقتصادية وأثرها في تشجيع الاستثمار في فرنسا ودولتي الكويت ومصر

أ. د. يسري العصار
أستاذ القانون العام
نائب العميد للشؤون العلمية
كلية القانون الكويتية العالمية وجامعة القاهرة

الملخص

يقوم الاستثمار بدور رئيسي في تحقيق التنمية الاقتصادية، ويتحدد دور كل من الاستثمار العام الذي تتولاه الدولة والاستثمار الخاص الذي تقوم به المشروعات الخاصة وفقاً للسياسة العامة التي تطبقها الدولة، والتي تجد أساسها في نصوص الدستور، وتتضمن الدساتير عادة أسس النظام الاقتصادي للدولة، وتحدد الحكومة على أساسه سياستها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وقد تبنى الدستور في كل من فرنسا ودولة الكويت نظام الاقتصاد الحر مع إلزام الدولة في الوقت ذاته بالتدخل من أجل تقديم خدمات اجتماعية أساسية للأفراد، أما مصر فقد مرت بمراحل مختلفة في هذا الشأن: من مرحلة الحرية الاقتصادية، إلى التدخل الواسع للدولة في الاقتصاد، وعادت من جديد لتبني نظام الاقتصاد الحر بدءًا من عام 1974 وإلى الآن.
ويكفل الدستور في الدول الثلاث الحقوق والحريات الاقتصادية، وعلى رأسها حق الملكية وحرية ممارسة الأنشطة والمبادرات أو حرية المشروعات، ويتيح للأفراد الاستثمار في جميع المجالات فيما عدا الأنشطة التي قصر على الدولة وحدها الحق في مباشرتها، كما يكفل الدستور حرية التجارة والصناعة والحريات النابعة منها أو المرتبطة بها، وهي الحرية التعاقدية وحرية المنافسة والمساواة بين المشروعات. وقد أرسى القضاء الدستوري مبادئ عامة في حماية الحريات الاقتصادية بمناسبة رقابته على دستورية التشريعات المنظمة لها.
ويهدف البحث إلى تحليل نصوص الدساتير في كل من فرنسا والكويت ومصر التي أقرت الحريات الاقتصادية والمقارنة بينها في الحماية الدستورية لهذه الحريات في مواجهة أي اعتداء عليها أو انتقاص منها، وانعكاس ذلك في التشريعات المنظمة لهذه الحريات، والمقارنة بين الضمانات التي كفلتها هذه التشريعات للمشروعات، واتجاهات القضاء الدستوري في رقابة دستورية التشريعات التي وضعت الضمانات الدستورية موضع التنفيذ، والمبادئ التي أرساها في هذا المجال.
وتظهر أهمية البحث في بيان الحماية الواسعة والضمانات القوية التي كفلها الدستور في الدول محل الدراسة للحريات الاقتصادية، وعلى رأسها الحق في الملكية، وحرية ممارسة النشاط والمبادرات الخاصة، وحرية التجارة والصناعة والحرية التعاقدية وحرية المنافسة والمساواة بين المشروعات، ومدى تطبيق هذه الضمانات في القوانين المنظمة لإنشاء المشروعات الاستثمارية في المجالات المختلفة.
وتعد تشريعات تشجيع الاستثمار من الأدوات الرئيسية التي تضع السياسة الاقتصادية للدولة موضع التنفيذ، وبالفعل صدر في الدول محل المقارنة العديد من القوانين في مجال تشجيع الاستثمار تضمنت وسائل كثيرة لتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وكفلت لها الحماية في مواجهة أية إجراءات مقيدة لحق الملكية وحرية ممارسة الأنشطة والمبادرات الخاصة، وحرية التجارة والصناعة، ومنحتها مزايا وإعفاءات متنوعة.
ولكن النصوص الدستورية التي أسبغت الحماية على الحريات الاقتصادية، والمزايا والإعفاءات التي كفلتها تشريعات تشجيع الاستثمار للمشروعات المنشأة وفقاً لها لا تكفي وحدها لتحقيق التنمية في الواقع العملي في دولتي الكويت ومصر؛ ولذلك فإننا نوصي بتطبيق سياسات تشريعية وإدارية تحقق قدراً أكبر من التنافسية في الاقتصاد، وتوجيه المزايا والإعفاءات التي تنص عليها قوانين الاستثمار للمشروعات الإنتاجية التي يمكن أن تزيد الدخل الوطني، والاقتداء بالتجارب الناجحة في الدول التي حققت معدلات عالية من التنمية، وتطبيق سياسة فعالة للإصلاح الإداري، وتفعيل الوسائل السريعة لحسم منازعات الاستثمار.
هذه هي الموضوعات محل الدراسة في هذا البحث، والتي نعرضها في مبحثين: نخصص الأول منهما للحماية الدستورية لحق الملكية، وحرية ممارسة النشاط والمبادرات الخاصة، والمبحث الثاني لحرية التجارة والصناعة، والحريات النابعة منها أو المرتبطة بها، وهي الحرية التعاقدية، وحرية المنافسة، والمنافسة بين المشروعات.

كلمات دالة: حق الملكية، حرية ممارسة الأنشطة، المبادرات الخاصة، حرية التجارة والصناعة، الحرية التعاقدية، حرية المنافسة.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)