أ.د. بدرية عبد الله العوضي
تتأكد يوماً بعد يوم أهمية دور الأبحاث العلمية، الأصيلة والجدية، في تحقيق نهضة الفكر القانوني، باعتبارها معيناً لا ينضب للتجديد والتطوير، بما يكفل استيعاب وتنظيم الأوضاع الاجتماعية والإنسانية المتغيرة بشكل مرن وفعال. وقد كان لمؤسسات التعليم الجامعي، ممثلة في كليات القانون والحقوق ومعاهد المحاماة والقضاء، وأعضاء هيئة التدريس فيها دور محوري في إرساء قواعد وتقاليد علمية رصينة وجدية، كان لها الأثر البالغ في تحقيق هذه النهضة التي أثمرت موسوعات ومؤلفات وكتب وأبحاث بلغت شهرتها الآفاق، كما تمت ترجمتها إلى عدة لغات، وأثمرت أيضاً ظهور أجيال من الفقهاء والمفكرين والباحثين القانونيين في مشرق الأمة ومغربها على حد سواء.
وتكتسب هذه النوعية من الأبحاث، الأصيلة والجدية، أهمية مضاعفة اليوم لمواجهة ظاهرة الأبحاث المقتبسة أو المسروقة، التي بدأت تشكل تهديداً حقيقياً لحرمة البحث العلمي ومستقبله، بعد انتشارها واستفحالها في صفوف فئات من الطلاب والباحثين الذين يريدون الحصول على الدرجات والشهادات والترقيات بأقل الجهد وأسوء الطرق، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً لقيم وأخلاق البحث العلمي المتمثلة في الأمانة واحترام جهود الآخرين وأصالة وجدية الأبحاث، ويحتاج لتعاون الجميع من أجل التصدي له والقضاء على هذه الظاهرة المدمرة.
وفي هذا المجال، تبرز أهمية مسؤولية المؤسسات العلمية والأكاديمية القانونية المختلفة في المبادرة للتصدي لهذه الممارسات غير الأخلاقية، من خلال وضع وتنفيذ إجراءات صارمة في مختلف المراحل، بالإضافة إلى تكثيف التوعية والتوجيه بأهمية أخلاق وقيم الأمانة في الأبحاث العلمية. كما تفرض هذه الظاهرة التعاون بين الكليات والجامعات في الأقطار المختلفة من أجل ترسيخ قيم الأمانة في البحث العلمي، وكشف أي انتهاكات أو تجاوزات، ولاشك أن المسؤولية في التصدي لهذا الأمر تقع أيضاً على المجتمع عامة ومؤسساته التعليمية والدينية والإعلامية خاصة، من خلال التربية والتوجيه والتوعية.
من جهتنا، في مجلة كلية القانون الكويتية العالمية كمنبر للبحث العلمي، الأصيل والجاد والرصين، فإن دورنا مكمل لما تقوم به المؤسسات العلمية والأكاديمية، كما أنه يسعى للمساهمة في التوعية بخطورة هذه الظاهرة، ودعوة جميع الأطراف المعنية لتحمل المسؤولية، بالإضافة إلى تنسيق الجهود مع المنابر المماثلة والمؤسسات العلمية والأكاديمية، وتنفيذ المعايير الصارمة والحازمة في مجال قبول ونشر الأبحاث.
.