العقود الذكية … الصدقية والمنهجية: دراسة نقدية معمقة في الفلسفة والتأصيل

أ. د. محمد عرفان الخطيب
أستاذ القانون المدني، قسم القانون – كلية أحمد بن محمد العسكرية – الدوحة – قطر

الملخص

تقدم الورقة البحثية دراسة نقدية معمقة في فلسفة وتأصيل العقود الذكية «Smart Contracts»، والحامل الرقمي الخاص بها: «سلسلة الكتل» «Blockchain»، ضمن محاولة فقهية لاستقراء الفلسفة التأصيلية لهذه العقود الذكية، ومن ثم إسقاطها على نظرية العقد التقليدية ضمن القانون المدني ببعديه التأصيلي والفلسفي، وذلك وفق منهجية بحثية لا تقارن قانوناً بقانون، وإنما فلسفة بفلسفة، محاولةً بذلك تحديد مدى فاعلية هذه العقود ضمن نظرية العقد، كما التطرق للإشكاليات القانونية التي من المحتمل أن ترتبها على نظرية الالتزام بشكل عام ونظرية العقد بشكل خاص، وذلك وفق مخطط بحثي قَدَمَ في مدخله التعريفي عرضاً مختصراً للحامل الرقمي لهذه العقود الذكية المعروف ببرمجية: سلسة الكتل، ليتناول بعد ذلك، في المطلب الأول صدقية الطرح التعريفي لهذه العقود الذكية، باحثاً في مدى توافق المصطلح المـُعرف لهذه «العقود الذكية»، مع المضمون المصطلحي والمفاهيمي لها، ثم ليعرض في المطلب الثاني عدالة السياسات التي تقوم عليها هذه العقود، محللاً مدى توافق الأهداف التي تسعى إليها هذه العقود مع القانون ببعديه الحمائي والقيمي.
وقد خلص البحث إلى أن الحديث عن فكرة العقد في العقود الذكية، مفهوماً واصطلاحاً، لا يعدو أن يكون تكلفاً لغوياً غايته الترويج لهذه العقود الآلية، التي هي أبعد ما تكون عن الذكاء؛ كونها لا تخرج في توصيفها وكينونتها، عن مجرد آلية تنفيذية للعقد ترتبط فيه وجوداً وعدماً، مؤكداً أنها بهذا التوصيف وحده، إنما تشكل إضافة حقيقة وفعلية لنظرية العقد، ومبيناً جانب القصور التشريعي الذي تعاني منه هذه الآلية، وضرورة التدخل التشريعي في ذلك. كما خلص البحث إلى أن هذه الآلية التنفيذية، وإن كانت ترتبط بالعقد وجوداً وعدماً، إلا أنها منفصلة عنه في منهجيتها الفلسفية التي تستبعد الجانب الإنساني في التنفيذ، لتُغلب عليه الجانب الآلي القائم على اعتبارات اقتصادية نفعية لا تؤمن إلا بالمال، وخوارزمية جامدة لا تؤمن إلا بالأرقام، محاولةً التأسيس لمعادلة تغليبية في العلاقة بين القانون والخوارزميات، مفادها أن: «الرمز هو القانون Code is Law»،
مؤكداً عدم صحة هذه الفرضية، وعدم عدالتها، وبأن القانون هو الناظم للرمز
«Law is Code».
في ضوء ما سبق، دعا البحث الجميع، قانونيين واقتصاديين ومبرمجين، إلى العمل سوياً وتقديم التنازلات البينية، بهدف الوصول لمنظومة تعاقدية توافقية تراعي اشتراطات القانون وأسسه، كما تراعي طبيعة الانفتاح الرقمي ببعديه الاقتصادي والبرمجي، آملاً من المشرعين مراجعة العديد من القواعد القانونية المتعلقة بنظرية العقد، وجعلها أكثر انفتاحاً واستجابة لهذا المتغير الرقمي، وصولاً لوضع تصور مبدئي لتأطير قانوني لا يشكل عائقاً في وجه التطور الاقتصادي والتكنولوجي، وإنما يكون نتاجاً لتوَائم ناجح بين مبدئي: الحيطة والابتكار «Precaution and Innovation». تأطيرٌ أملت هذه الدراسة أن تسهم في توضيح بعض من جوانبه.

كلمات دالة: سلسلة الكتل، بيتكوين، الذكاء الاصطناعي، الرمز هو القانون، التحليل الاقتصادي للقانون، التحليل الرياضي للقانون، العدالة التنبئية.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)