القواعد الناظمة لسلطة تقدير الدلائل الكافية لاتخاذ الإجراء الجزائي – الجزء الأول

د. أشرف محمد عبد القادر سمحان
أستاذ القانون الجنائي المساعد
كلية الشريعة والقانون – جامعة الجوف – المملكة العربية السعودية

الملخص

يتناول البحث محاولة تلمس معالم سلطة تقدير توافر الدلائل الكافية لاتخاذ الإجراء الجزائي، وذلك تمهيداً لوضع ضوابط موضوعية تحد من العسف والتحكم في استعمال هذه السلطة، ضماناً للحقوق والحريات، والتي تشكل الغاية التي يستهدف البحث محاولة الوصول إليها. ووصولاً إلى تحقيق هذه الغاية كان لزاماً تناول موضوع البحث من محاور أربعة؛ الجهة التي تقدر مدى كفاية هذه الدلائل، وإشكالية حظر وزن البيِّنة في بعض الأنظمة، وطبيعة سلطة تقدير مدى كفاية الأدلة لاتخاذ الإجراء الجزائي، ومدى خضوعها للرقابة القضائية، وأخيراً وسائل الرقابة على هذه السلطة، كشكل الإذن بالإجراء الجزائي وتسبيبه والدفع بعدم كفاية الدلائل المتطلبة له. وقد استخدم الباحث منهجين اثنين: منهج تحليلي انصب على سلطة تقدير الدلائل الكافية لاتخاذ الإجراء الجزائي، حيث تم تناولها من جزئياتها جميعاً، سواء من حيث تحديد الجهة القائمة على هذه السلطة، وتداخل جهات متعددة في بعض الأحيان في استعمال السلطة التقديرية ذاتها، أو مدى خضوعها للرقابة ووسائلها المتنوعة. وكذلك منهج مقارن عمدنا فيه للمقارنة في نهج تنظيم هذه السلطة في القوانين العربية المختلفة، للوقوف على ما تقدم منها في ذلك والاستفادة من التجارب التشريعية والقضائية المقارنة في هذا المجال.
وفي نهاية هذا البحث توصلنا إلى مجموعة من النتائج، منها ضرورة أن يكون تقدير رجل الضبط الجنائي لمدى توافر حالة الشبهة منطقياً وموضوعياً، إضافة إلى أنه لا يصح لمحكمة الموضوع أن تحلّ نفسها محل رجل الضبط، وتقرر هي فيما إذا كانت المظاهر الخارجية كافية لتقدير قيام الشبهة، ولا يجوز لها كذلك أن تفسر المظاهر الخارجية المذكورة على نحو دون آخر، طالما كانت العبرة في قيام الشبهة ذاتها، لا في حقيقتها وصحة ثبوت ما شفّت عنه من قيام الجريمة. كذلك، توصلنا إلى أنه لضمان فعالية سلطة النيابة في تقدير مدى توافر الدلائل الكافية، لا بدّ من الاعتراف ابتداء بسلطتها في وزن البيِّنة، وهي التي ينكرها عليها القضاء في بعض البلدان. كذلك، فإن تسبيب الإذن بالتفتيش يلعب دوراً جوهرياً في ضمان توافر الدلائل الكافية لتبريره، وهو التسبيب بمعناه الضيق، والمتمثل في ذكر الأسباب الواقعية والقانونية التي أدت إلى اتخاذ الإجراء تمهيداً لتفعيل دور جهات الرقابة المختلفة على هذه السلطة. كما أن الدفع بعدم كفاية الدلائل المتطلبة للتفتيش هو دفع موضوعي لا إجرائي، ما يعني وجوب إثارته ابتداء أمام محكمة الموضوع. إضافة إلى ممارسة الرقابة على تقدير توافر الدلائل الكافية للتوقيف؛ من خلال طلبات الإفراج عن الموقوف، ومن خلال التظلّم المقدم إلى جهات أعلى ضمن ذات سلطة التحقيق، حيث يفعّل من خلالها دور النائب العام الرقابي، في تقدير مدى ضرورة التوقيف أو إخلاء السبيل، وأخيراً من خلال الطعن في قرارات التوقيف أو رفض إخلاء السبيل.

كلمات دالة: وزن البيِّنة، استيقاف، تفتيش، قبض، توقيف.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)