المبادئ المؤطرة لنظرية العقد في التشريع المدني الفرنسي الجديد: دراسة نقدية تأصيلية مقارنة
أ.د. محمد عرفان الخطيب
أستاذ القانون المدني – كلية أحمد بن محمد العسكرية – الدوحة – قطر
الملخص
يقدم البحث محاولة أكاديمية تتناول توضيح الجوانب الحداثية للمبادئ التشريعية المؤطرة لنظرية العقد في القانون المدني الفرنسي: “مبدأ الحرية التعاقدية، مبدأ حسن النية، ومبدأ القوة الملزمة للعقد”، بعد التعديل الأخير لهذا القانون في عام 2016، بهدف تبيان مدى نجاح هذا التعديل في معالجة العيوب التشريعية التي كانت تعاني منها نظرية العقد في التشريع المدني السابق، كما يهدف إلى اطلاع رجال القانون والفقه العرب على هذه الجوانب الحداثية، سعيًا للفت أنظارهم إليها، ومدى الحاجة لمراجعة الواقع الفعلي لهذه المبادئ في دولهم، وذلك وفق منهج قانوني تحليلي تأصيلي نقدي مقارن، يحلل الجانب التأصيلي لهذه المبادئ في القانون المدني الجديد من جهة، ويقارن برؤية نقدية، واقعها الحالي مع القانون المدني السابق من جهة أخرى، وفق خطة بحثية تتناول في عرضها التمهيدي، خصوصية فكرة «المبدأ العام» في القانون المدني المُعدَّل والإشكالية التي صاحبت تبنيه. وتعرض في مباحث ثلاثة متوالية للجوانب الحداثية لكل مبدأ من هذه المبادئ الثلاثة المؤطرة لنظرية العقد.
وقد بَيَّنَ البحث كيف أنَّ واضعي القانون المدني الفرنسي الجديد، رغم أن منح صفة «المبدأ العام» لهذه المبادئ، لايزال موضع نظر بين مؤيد ومعارض، قد أعادوا تطويعها مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، لجعل نظرية العقد أكثر استجابة لهذه المتغيرات. كما أبرز البحث الرؤيةً القانونية الجديدة التي وسمت نظرية العقد نتيجةً لهذه المبادئ، التي كما تستحق الإشادة في جوانب، تقتضي التصويب والمراجعة في جوانب أخرى.
وأكد البحث أن القانون الجديد كما منح الإرادة هامشاً أكبر في تحديد نوعية وطبيعة الالتزام، فإن عليه أن يعيد موقفه من حرية هذه الإرادة في تحديد الطرف المقابل في العملية التعاقدية، لما قد ينطوي عليه من معيار تمييزي مخالفٍ للقانون، ومبينًا، أنه كما وسَّع القانون من المظلة الحمائية لمبدأ حسن النية لمختلف مراحل العقد، فعليه ألا يستبعد مرحلة إنهاء العقد من هذه الحمائية، آملاً منه أن يعيد النظر في موقفه الحالي وصولاً لمظلة حمائية عقدية مكتملة.
وأشاد البحث بالتوفيق الحرج الذي تبناه القانون الجديد بين القوة الملزمة للعقد والأمان العقدي، منبهاً بذات الوقت لخطورة ما قد يترتب عليه من حضور أكبر للقضاء في التنظيم المستقبلي للعقد، كطرف «تعاقدي» قد لا يكون مرغوباً به، وداعياً الفقه والقضاء والمشرِّع للمزيد من العمل، بغية عدم خروج هذا التوافق عن الغايات التشريعية التي وضع لها.
كلمات دالة: العدالة العقدية، التوازن العقدي، الأمان العقدي، الحرية التعاقدية، حسن النية، القوة الملزمة للعقد، القانون المدني الفرنسي