المشروعية في مقابل مبادئ الدستور التجربة الإيطالية بعد الحرب العالمية الثانية

أ.د. كلوديا ستورتي
جامعة ديغالي ستودي – ميلان – إيطاليا

الملخص

في كتابهم بيان التاريخ (مطبعة جامعة كامبريدج، 2014)، حافظ ديفيد أرميتاج وجو غيدي على فكرة أن «التاريخ هو الصالح العام» وأن على المؤرخين أن يفكروا في التاريخ على المدى الطويل بأنه «المستقبل العام للماضي.» ورغم أن هذا الموقف قد يكون متطرفًا إلى حد ما، فإنه يؤكد بشكل صحيح على أهمية لا يمكن إنكارها وهي أهمية التاريخ في وقتنا الحاضر. ونظرًا لأهميته فإنه لابد أن يثير الخلافات، وخلال حديثي سأذكر بعض الجوانب المعينة لتطبيق القانون من خلال الأحكام الصادرة عن محكمة النقض العليا في إيطاليا وصراعاتها مع المحكمة الدستورية الجمهورية الجديدة في النصف الثاني من القرن العشرين.
وكما هو معروف، فإن النتائج المتوقعة والمؤكدة والتي يمكن فقط للقوانين التي تطبق من قبل السلطة السياسية أن تضمنها قد أصبحت هدفًا يسعى لتحقيقه بعض القضاة والمفكرين القانونيين فضلًا عن جزء من الرأي العام في الدول الأوروبية في الفترة بين القرن السادس عشر والقرن السابع عشر، وخاصة من وجهة نظر النظرية القانونية للعقد الاجتماعي. وكما هو معروف أيضًا، فإن قانون الدولة كان جزءًا من نظام معقد من المصادر القانونية التي اشتملت على القوانين العامة والمحلية، والأعراف والممارسات، والأحكام وتفكير المحامين أو الأساتذة. وقد بدأت أحدية قانون الدولة بعد نابليون وقانونه المدني لعام 1804، لتصبح نموذجًا للمشرعين في قارة أوروبا. ولم يكن هذا سوى بداية لطريق طويل لتنفيذ المبادئ الأساسية لسياسات الدولة القانونية، والعدالة والمساواة والحرية – والتي يعترف بها أيضًا الدستور الكويتي -، والتي انتهت مع بداية تطبيق الدساتير في عدة بلدان أوروبية بعد الحرب العالمية الثانية.
و إذا ما نظرنا إلى التجربة الإيطالية من الماضي وحتى الوقت الحاضر، وبعد الهزيمة في تلك الحرب، كان لا بد من إعادة بناء كل شيء من أساساته حتى في مجالات القوانين وتطبيقها. وبالتأكيد لم تلعب القوانين دورًا كبيرًا في بناء الدولة ومفهوم المشروعية فقط ، بل أيضًا في الأحكام الرئيسية التي تم إطلاقها بين الستينات والسبعينات من القرن العشرين (196-1970) لمستقبل مفهوم المشروعية. إذا نظرنا إلى القانون المتبع يبرز سؤال، أولًا وقبل كل شيء، ليحدد أي نوع من القواعد كان سائدًا إذا ما كان هناك شخص من قوانين الدولة في صراع مع المبادئ والقيم التي يحميها الآباء المؤسسون في دستور 1948. وكما سبق وأشرت، فإن النضال لم يكن فقط على مستوى المصادر القانونية، بل أيضًا، في القضاء، بين المحكمتين العليتين وقضاتهما، يبرز في بعض الأحيان من أساس ثقافي مختلف. إن الصراع بين المحكمة العليا الشرعية (محكمة النقض) والمحكمة الدستورية كان نموذجًا لمفهومين مختلفين للمشروعية، والذي لا يزال قائمًا حتى الآن كما أبرزت المناقشة التي جرت مؤخرًا حول الإصلاح الدستوري. إن منطقة التوتر هذه أشارت ضمنًا إلى موقف ومفهوم مختلفين للعلاقة بين جهاز الدولة والمجتمع، والأكثر اهتمامًا بتطبيق المبادئ الدستورية للمساواة والحرية فضلًا عن الصالح العام وحماية أو ضمان ضد البيروقراطية وحرية تصرف الشرطة. لم يكن دور الرأي العام في هذه المعركة المؤسسية هامشيًا حتى الآونة الأخيرة.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة الانجليزية)