تحديد القانون الواجب التطبيق على المسؤولية التقصيرية الناتجة عن التصادم البحري في القانونين الجزائري والمقارن
أ. د. جمال بن عصمان
أستاذ القانون الدولي الخاص – كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة أبي بكر بلقايد – تلمسان – الجزائر
الملخص
يتناول هذا البحث موضوع تحديد القانون الواجب التطبيق على المسؤولية التقصيرية التي تترتب عن تصادم السفن في البحار في القانون الجزائري وقوانين بعض الدول. فالكثير من حالات التصادم تقع بين سفن تحمل أعلام دول مختلفة، كما قد يقع هذا التصادم في مياه دولة بينما يرفع النزاع أمام قضاء دولة أخرى، مما يربط النزاع الخاص بدعوى التعويض بأكثر من قانون، ويفتح الطريق لتنازع القوانين.
ورغم وجود معاهدة بروكسل Bruxelles الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالتصادم البحري، فإنّ مبدأ نسبية المعاهدات وعدم إحاطة هذه المعاهدة بكافة المسائل جعل دورها يقتصر على التضييق من نطاق التنازع دون أن يصل إلى حد القضاء عليه، مما يجعل من الرجوع إلى القوانين الوطنية أمراً حتمياً، ويعطي أهمية للموضوع من خلال طرح إشكالية رئيسية محورها كيفية التوصل إلى قانون يحكم دعوى المسؤولية التقصيرية المترتبة عن التصادم البحري. مثل هذا التساؤل كفيل بأن يحدد نطاق الدراسة والهدف منها، فهذه الأخيرة تهدف بشكل أساسي إلى البحث عن الحلول في حالة تنازع القوانين، وليس الخوض في أحكام التصادم المقررة في القوانين الوطنية، مما يجعل البحث يرتبط بقواعد القانون الدولي الخاص ومنهج التنازع، والتي تقضي أحكامه في قوانين الكثير من الدول، منها الجزائر والكويت، بتطبيق قانون مكان وقوع الفعل الضار، ويسمى أيضاً القانون المحلي، في مجال المسؤولية التقصيرية، وهو ما يجعل من مكان التصادم عنصراً أساسياً في تحديد محاور هذا البحث، بل كان الاعتبار الرئيسي في تقسيمه إلى محورين، فالمقرر في قانون البحار أن تكون مياه البحر إما خاضعة لسيادة دولة ما أو لا تكون كذلك، ومنه تناول المحور الأول مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق حين يقع التصادم في مياه خاضعة للسيادة ويقصد بها المياه الداخلية والإقليمية، بينما تناول المحور الثاني تحديد القانون الواجب التطبيق عند وقوع التصادم في أعالي البحار والتي تعتبر مياهاً غير خاضعة للسيادة.
ولقد أفضت الدراسة إلى جملة من النتائج أهمها بقاء القانون المحلي هو الأصل في مجال المسؤولية التقصيرية رغم المحاولات الكثيرة لزعزعته، وقد كان من أثر ذلك في مجال التصادم البحري خضوع التصادم الذي يقع في المياه الإقليمية لقانون الدولة التي تتبعها تلك المياه، وهو حل يقضي المنطق باستحالة اعتماده عندما يقع التصادم في أعالي البحار، وقد كان ذلك سبباً في اختلاف الحلول وتضاربها فقهاً وقضاءً وتشريعاً.
كلمات دالة: القانون المحلي، قانون العلم، المياه الإقليمية، أعالي البحار، قانون القاضي.