تعزيز الحرية الثقافية المنضبطة
أ.د. لؤلؤة بنت عبد الكريم القويفلي
أستاذ السنة النبوية – جامعة أم القرى – مكة المكرمة – المملكة العربية السعودية
الملخص
ينطلق هذا البحث من محور ضمانات حماية الهوية الثقافية والخصوصية المجتمعية، والتحديات والإشكاليات والآفاق التي يطرحها هذا الواقع النوعي في كافة المجالات الرئيسية لحياة أبناء لغة الضاد، وذلك في ظل العولمة والثورة الهائلة في مجالي الاتصالات والمواصلات وتحول العالم إلى قرية صغيرة تتفاعل تكاملاً وتناقضًا سلمًا وحرباً، في مختلف القضايا التي تواجهها البشرية، ومن المستحيل علينا سبر أغوار الهوية الجديدة وتداعياتها بعيداً عن التفاعلات الحيوية مع القضايا العربية في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.
ومن هنا صارت التحديات تفرض نفسها على مجتمعنا، وأصبحت تتطلب بلورة رؤية خاصة نستطيع من خلالها الحفاظ على هويتنا الثقافية، وفي الوقت نفسه الانفتاح على العالم للإفادة من نتائج المعرفة بجميع أشكالها دون أن نفقد شيئاً من هويتنا. وتظهر أهمية الموضوع في أن تمسك الفرد بحريته المنضبطة لا يعني الانغلاق على الذات، بل هو وسيلة للانفتاح وشرط أساسي للتعرف على ثقافته، وبالتالي أصبحت تعاليم الدين الإسلامي السمح وتعلم اللغة شرطين لتعزيز الهوية الثقافية والحفاظ عليها، إذ إنَّ الهوية الثقافيةَ والحضاريةَ لأمةٍ من الأممِ، هي القدرُ الثابتُ والجوهريُّ والمشتركُ من السِّماتِ والقَسماتِ العامةِ، التي تُميز حضارةَ هذه الأمةِ عن غيرها من الحضاراتِ، وهو ما سعى البحث لتبيانه.
وقد استنتجنا بأن الحرية المنضبطة قرينة الإبداع والخلق، ولعل مؤشر قمع الحرية داخل المجتمع يكون سبباً واضحاً في تكييف الإبداع بكل مجالاته سواء قبل ممارسته أم بعدها مباشرة، بمعنى أنّ المبدع عندما يعرف بحكم خبرته ومعرفته وتجربته الخاصة أنّ إبداعه وعمله سوف يلاقيان منعاً ما أو موقفاً معادياً، فإنّه يمارس على نفسه نوعاً من الرقابة الذاتية، ويمنع نفسه من ممارسة حريته الكاملة في إبداع يتأثر بمؤشر القمع والمنع، فيخرج ناقصاً وضعيف البنية. ولذلك فإننا نجد في بعض المجتمعات انتشار مؤشرات القمع والمنع والحظر والمصادرة في التعاطي مع الإبداع بكلّ تجلياته،. فكان لابد من توجيه أنظار المعنيين بالأمر لأهمية دور الحرية الثقافية في تنمية الهوية الثقافية وتعميق الانتماء، وتحديد المهام والإجراءات المنوطة بالمجتمع في تعزيز الحرية الثقافية المنضبطة.
كلمات دالة:
الحرية المنضبطة، الهوية، الحرية، الثقافة، أزمة الهوية، معززات الحرية، الضوابط الشرعية