جريمة العدوان في منظور القانون الدولي الجنائي

د. فريجـه محـمد هشـام
أستـاذ القانـون الدولـي الجنائـي- كليـة الحقـوق والعلـوم السياسيةجامعة المسيلـة- جمهورية الجزائر

المقدمـة

إن موضوع جريمة العدوان كجريمة دولية هو من الموضوعات ذات الأهمية البالغة، وذلك نظرا لما تحدثه هذه الجريمة من آثار خطيرة تمس المصالح والقيم الجوهرية والتي لطالما حرص المجتمع الدولي على حمايتها وعدم المساس بها، فهي تتضمن اعتداء صارخا على المصالح الحيوية التي يكفل لها القانون الدولي الجنائي وكذا القانون الدولي الإنساني حماية خاصة.
ثم إنه قد كثر الحديث عن جريمة العدوان باعتبارها محور القانون الدولي الجنائي، وتمثل إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه العالم، كما تشكل في الوقت الحاضر إحدى القضايا الرئيسية التي مازالت تشغل بال وفكر المجتمع الدولي، من ناحية الخطورة التي تتميز بها كونها لا تهدد شخصا بعينه بل تهدد كيان وبنيان المجتمع الدولي بأسره.
وقد شهد المجتمع الدولي منذ القِدَم حتى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة انتهاكات جسيمة للمواثيق الدولية التي تحكم الدول فيما بينها والأعراف الإنسانية، تمثلت في ارتكاب جرائم حرب وجرائم عدوان اهتز لها ضمير الإنسانية والتي مسّت في الوقت نفسه كيان الدول، مما أدى بالمجتمع الدولي إلى بذل جهود مضنية لوضع الأسس الكفيلة لمعاقبة مرتكبي هذه الجريمة، لكن ليس قبل أن يتم وضع تعريف عام وشامل لها، وهو ما أقرته المحكمة الجنائية الدولية إذ يكون لها اختصاص على الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون جريمة العدوان، كمـا أن الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤولاً عنها بصفته الفردية وعرضة كذلك للعقاب وفقا لنظامها الأساسي.
غير أنه يمكن لنا أن نلحظ وجود العديد من المشاكل والمعضلات تواجهها المحكمة اليوم، وقد جاءت حرب العراق مؤكدة هذا الأمر، وذلك بسبب عدم إمكانية النظر في الانتهاكات الأمريكية خاصة، لأن الولايات المتحدة الأمريكية ليست من الدول المصدقة على النظام الأساسي لهذه المحكمة، كما أن العراق ليست كذلك، وكذا جرائم العدوان الدولية الواقعة في مختلف أقاليم دول العالم، هذا إضافة إلى بعض المشاكل والعقبات الأخرى التي يواجهها القضاء الدولي الجنائي اليوم، كتغليب الاعتبارات السياسية.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)