حق الانتخاب والترشح بين الدستور والقانون في الكويت
د. هشام الصالح
أستاذ القانون العام المساعد كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص:
حرصت الدساتير والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان على أن تضمن للمواطنين حقي الانتخاب والترشح باعتباره حقًّا دستوريًّا مقدسًا، لكنه وبعد التسليم بهذه الهرمية تواجهنا مشكلة التفاصيل التي يتطرق إليها القانون الصادر عن السلطة التشريعية، والتي تفصل ما أجملته القواعد الدستورية المقتضبة. وتبدأ المشكلة بتغييب النص الدستوري وعدم الاحتكام إليه أو بعدم استيعاب مفهومه وأبعاده، خاصة وأن الدستور ليس نصًّا مغلقًا انتهى مفعوله لحظة إقراره، بل هو عمل حي منفتح على الاستنباط المتواصل لحقوق الإنسان وحرياته، وعلى الأخص السياسية منها؛ كونها تمثل حجر الأساس ونقطة الارتكاز للممارسة الفعلية لكافة الحقوق والحريات؛ ولهذا كان ربط الحقوق السياسية بالدستور، الذي يهدف إلى تقييد سلطة المجالس التشريعية وأهواء أغلبيَّاتها المختلفة عن مصادرة أو انتقاص هذه الحقوق.
والواقع أن الانتخابات البرلمانية في الكويت أصبحت جزءًا من الحياة الدستورية والسياسية في البلاد باعتبارها استحقاقًا دستوريًّا وديمقراطيًّا ارتضاه المواطنون منهجًا لاختيار مؤسساتهم الرقابية، ومع كل انتخابات تثار قضية مدى دستورية بعض الشروط؛ خاصة أنها قد تستر خلفها رغبة في إقصاء البعض عن المشهد السياسي، في ظل دستور كفل حق الانتخاب والترشح، وأناط بالقانون تحديد الشروط الواجب توفرها لممارسة هذا الحق.
وتهدف هذه الدراسة إلى تناول الأساس الدستوري والدولي لحق الانتخاب والترشح، موضحة مفهومه ونطاقه وأبعاده؛ ومن ثم تتناول كافة الشروط التي تطلَّبها القانون في المرشح والناخب في الكويت، ومدى مطابقتها لأحكام الدستور.
وبصفة عامة، سجَّلنا وجود خلل ومثالب في تلك القوانين المنظمة لهذه الحقوق؛ إذ إن الخلل الحقيقي يبقى على مستوى الممارسة الميدانية، من خلال التشريعات التي أقرها مجلس الأمة وتطبيقات السلطة التنفيذية لها؛ لأن دراسة النصوص الدستورية وحدها لا تعطي صورة صادقة لما يتمتع به الأفراد من الحقوق والحريات. فعلى مستوى مؤسسة مجلس الأمة، سجلنا ما يعبر عن قصور المشرع الكويتي في مفهوم التدخل التشريعي في مجال تنظيم الحقوق السياسية المتعلقة بحق الانتخاب والترشح، حتى كاد أن يعصف ويزهق النص الدستوري الكافل لتلك الحقوق. وفي خاتمته، جدد البحث دعوة المشرع الكويتي لتبني عدد من الاقتراحات، سواء على صعيد تعديل الدستور أو القوانين، بالإضافة أو الإلغاء.