كلية الحقوق بالجامعة اللبنانية مستشار فاعل وجدّي للإدارات والمؤسسات العامة

أ. د. كميل حبيب
عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية الجامعة اللبنانية

الملخص

إن العمل الاستشاري كان ولا زال محافظاً على موقعيته في إطار العمل المؤسساتي، حيث يؤدي الفريق الاستشاري دوراً في بيان صحة العمل وصوابيته، ومشاورة الرجال تعني المشاركة في عقولهم ومانعاً للاستبداد الذي يهلك صاحبه. كما أن من أقرن رأيه برأي غيره نجا، وليس في المشورة عيب أو نقصان كما أنه ليس لها صفة الإلزام، ولا تعني بأي وجه سلطة الأمر والقرار، إذ يعود لطالب المشورة أن يأخذ بها أو يهملها وذلك تصديقاً لقوله تعالى”فشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله”، وهذا العزم لا يرتبط بالمشورة إذ من الجائز أن يأتي على خلافها. وأهل المشورة هم من حيث المبدأ أهل الفكر الذين يقع على عاتقهم موجب مخالطة أهل الحكم، لأن أفكارهم تظل حبيسة في عقولهم إلى أن تنطلق إلى قناعات الرجال الأقوياء الذين يستطيعون تحويل الدراسات إلى سياسات والتصورات إلى قرارات.
والجامعة اللبنانية كانت ولم تزل الخزان الذي يرفد المؤسسات الرسمية بالكادر البشري المحترف الذي يحتاجه في كافة الميادين. وقد حفظ المشترع بموجب قانون رقم 6/70 تاريخ 23/2/1970 لأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية بالحق في الانتماء إلى مجالس استشارية ذات مصلحة عامة تفترض اختصاصا جامعيا، والحق في تقديم الاستشارات العلمية أو القانونية أو الأدبية أو الفنية وغيرها.د.
بالاستناد إلى هذه الإجازة التشريعية، كان لكلية الحقوق الدور البارز في تقديم الاستشارات في القضايا والتحديات التي تواجهها المؤسسات التشريعية والتنفيذية في الدولة، وقد تنوع هذا الدور الاستشاري إلى عدة أنواع هي:
استشارات فردية يؤديها أفراد الهيئة التعليمة بصورة شخصية من خلال التعيين كمسشارين لوزراء أو لرؤساء مؤسسات عامة، أو تقديم استشارات مباشرة وغير مستمرة لمن يطلبها من نواب أو وزارء أو مدراء عامين بصورة مباشرة وشخصية.
المشاركة في هيئات رسمية ذات طابعٍ استشاري ، كالتعيين في عضوية الهيئة الاستشارية العليا.
المشاركة في لجان مكلفة بدراسة ملفات معينة، حيث تعمد الحكومة إلى تشكيل لجان لدراسة موضوعات محددة وتطلب من عمادة كلية الحقوق تكليف من يراه مناسباً للمشاركة في هذه اللجان.
المبادرات الخاصة سواءً بناءً على طلب عمادة الكلية أو بصورة طوعية، حيث يتولى أفراد الهيئة التعليمية كتابة مطالعات قانونية ونشرها حول قضايا تشريعية أو تنفيذية يرون من الواجب الكتابة عنها؛ والآمثلة حول هذه الصورة الاستشارية أكثر من أن تحصى وغالباً ما تتبنى الهيئات المعنية مضمون هذه الدراسات الحقوقية.
إنشاء لجنة خاصة في كلية الحقوق والعلوم السياسية لتقديم الاستشارات لأشخاص القانون العام، وهي تجربة جديدة ابتدأتها الكلية في العام 2014 من خلال تعيين لجنة دائمة مهمتها رفد القطاع العام بما يحتاجه من دراسات وآراء استشارية، إن هذه التجربة – المبادرة، من خلال إعلان الكلية عن وجودها وجاهزيتها في دعم العمل القانوني في لبنان.
إن ما سبق الإشارة إليه من دور استشاري لكلية الحقوق لم يصل إلى المستوى المطلوب، إذ إنّ حجم استفادة السلطتين التشريعية والتنفيذية من الطاقة القانونية التي تملكها الكلية ليس بالمستوى المطلوب، ولا بد من خطواتٍ لتفعيل هذا الدور ورفع الكلية إلى مستوى المستشار القانوني للمؤسسات الرسمية.
ستكون هذه الموضوعات محور كلمتنا في الندوة، بحيث سنقسم الكلمة إلى قسمين، الأول مخصص للدور الاستشاري الفردي وفي إطار اللجان المؤقتة والدراسات التطوعية، وفي القسم الثاني سنبحث تجربة الهيئة الاستشارية القانونية في كلية الحقوق، وبيان مدى نجاح هذه التجربة وفعاليتها وأبرز الآراء التي أصدرتها.لنخلص في النهاية إلى بيان آفاق ومستقبل دور كلية الحقوق تقديم الفتاوى والاستشارات الفقهية في القضايا والتحديات التي تواجهها المؤسسات التشريعية والتنفيذية في الدولة.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)