مراقبةُ الشريك مسرح الجريمة من بعد باستخدام كاميرات المراقبة دراسة مقارنة في ضوء المادتين (48/3) و(49) من قانون العقوبات العراقي
د. هوزان حسن محمد
مدرس القانون الجنائي
كلية القانون، جامعة دهوك، العراق
الملخص
إن مراقبة الشريك مسرحَ الجريمة، من بعد، باستخدام كاميرات المراقبة، لا يمكن أن تقع إلا في إطار المساهمة الجنائية، وبالتالي فإن الهدف من البحث هو بيان ما إذا كانت المراقبة – على النحو سالف الذكر – تعد مساهمة أصلية، أم مجرد مساهمة تبعيَّة، وذلك باتباع أسلوب الدراسة التحليلية والمقارنة في تناول الموضوع، ومعرفة التكييف القانوني الصحيح لواقعة مراقبة الشريك مسرح الجريمة من بعد، لما لذلك من أهمية قصوى؛ خاصة بالنسبة إلى المحاكم، في تحديد النص القانوني الواجب التطبيق عليها.
وقد تبيَّن – من خلال البحث – أن مسرح الجريمة لا يقتصر فقط على المكان الذي يرتكب فيه الجاني جريمته كاملة، أو المكان الذي توجد فيه آثار الجريمة فقط، بل يمتد ليشمل الأماكن الأخرى التي يمارس فيها المساهمون معه نشاطهم الإجرامي، وفق ما هو مرسوم لهم مسبقا في خطة الجريمة، بغضِّ النظر عما إذا كانت هذه الأماكن متصلة بعضها ببعض، أو متباعدة بعضها عن بعض.
وإذا كان الأصل في مراقبة مسرح الجريمة أنها تُصنَّف ضمن الأعمال المساعدة على ارتكاب الجريمة، خصوصا الأعمال المُسهلة، أو المُتممة لها، والتي تجعل من القائم بها شريكًا، أي مساهمًا تبعيًّا، وليس فاعلاً أصليًّا، إلا أنه بسبب معاصرة فعل المراقبة لوقت ارتكاب الجريمة، وبسبب طبيعة الوسيلة المستعمَلة فيها، بحيث تنقل صورة صادقة حقيقية ومُفصَّلة عن مسرح الجريمة إلى الشريك، وتجعل منه كأنه موجود فعلًا وحقيقةً في مكان ارتكاب الجريمة، وبالتالي فإنه يعطي الفاعل الأصلي انطباعًا بأن الشريك قريب من مكان الجريمة، ومسيطر على التحركات التي تجري فيه، ويستطيع التدخل بإنذاره بأي خطر في الوقت المناسب؛ الأمر الذي يتولَّد عنه تشجيع الفاعل الأصلي، ومساندته، وحمايته، وشدُّ عزيمته.
وقد خلص البحث إلى أن الشريك الذي يراقب مسرح الجريمة (من بعد باستخدام كاميرات المراقبة) يُعدُّ في حكم الشريك الحاضر مكان الجريمة، وبالتالي يُعدُّ فاعلاً أصليًّا وليس مجرد شريك بالمساعدة.
وفي ضوء ذلك أوصى البحث المشرِّعَ العراقيَّ بإعادة صياغة المادة (49) من قانون العقوبات، على نحو يستوعب حال الشريك الذي يراقب مسرح الجريمة وهو يبعد عنه بمسافة، قد تصل إلى عدة أميال، وذلك تجنبًا للاجتهادات الفقهية، والتضارب في الأحكام القضائية.
كلمات دالة: المساهمة الجنائية، والجريمة، والجاني، والتكنولوجيا الحديثة، ومكان الجريمة، وآثار الجريمة.