مظاهر اختلال المشروعية القانونية في الأحداث الجارية في العالم العربي
أ.د. محمد عبد المحسن المقاطع
أستاذ القانون العام في كلية القانون الكويتية العالمية
الملخص
مبادئ هامة ومفاهيم جوهرية أرهق الإنسان عبر قرون من الزمان وهو يفكر بها، ويتبناها ويراجعها ويشذبها، ويطورها حتى تستوي على عودها، وتستقر بأسسها وتوازنها وضماناتها لتشكل مع بعضها بنياناً متراصاً صلباً يلقي بظلاله لتتعايش الدول في علاقتها ببعضها البعض في إطار المشروعية القانونية الدولية، وليحصِّن الدولة في نطاق السلطة من منبعها إلى ممارساتها لتكريس المشروعية القانونية للسلطة، وليفىء على المواطنين بحرية سياسية وضمانات طبيعية بتوثيق للمشروعية الوطنية. لتتجسد جميعها ببوتقة واحدة هي المشروعية القانونية.
لقد شهد العالم العربي في الآونة الأخيرة، اختلالات بارزة في التعامل مع أحواله في المشروعية القانونية، وهي اختلالات شديدة الوقع وبالغة الأثر عليه اليوم ومستقبلا. فعلى الصعيد الدولي اختلت ركائز المشروعية الدولية، وبرزت تناقضات واضحة فيها، وتهاوت معاييرها لكونها معيبة بالانتقائية والاضطراب، وبأهواء القوى التي تتحكم بآليات المشروعية الدولية.
أما على صعيد السلطة فقد تمَّ النيل من مفاهيمها المستقرة في تكوينها وأعمالها والرقابة عليها، مثل الأمة مصدر السلطات، ومبدأ الحق في تقرير المصير، ومفهوم تداولها والمشاركة فيها ليحل بدلاً منها التفرد والإقصاء.
أما على الصعيد الوطني، فقد أُهدرت مصادر المشروعية الوطنية مثل المواثيق والقوانين هدراً للحقوق والحريات مثل المحاكمة العادلة، والحرية السياسية، ومظاهر التعبير عن الرأي وتمت مصادرة المعارضة والرأي الآخر، ومصادرة الحياة والممتلكات الخاصة.
وهكذا تسللت إلينا مفاهيم جديدةً تتنكر للمشروعية القانونية الاعتيادية – بدعم من الفقه والمشرع والأحكام القضائية – التي غلبت حالة تبرير الواقع ترويجاً لمشروعية استثنائية معيبة، كما تلاشت في كنفها مفاهيم مستقرة تكونت بمراحل الهدوء والاستقرار، بعيدا عن الصراع والاضطراب، وذلك كله يتطلب منا دراسة هذا الموضوع وبيان الرأي فيه وفقاً للمحاور الآتية:
أولا: مظاهر اختلال المشروعية في القانون الدولي في الحالة العربية.
ثانيا: مظاهر انتهاكات مفهوم السلطة في الواقع العربي.
ثالثا: تقويض ركائز المشروعية الوطنية في الحالة العربية.