منهجية التقنين في النظم القانونية المقارنة: نماذج تطبيقية في القوانين المدنية
د. عمر صلاح العزاوي
باحث، كلية القانون – جامعة الشارقة – الإمارات العربية المتحدة
الملخص
يتناول البحث موقف النظم القانونية المقارنة من التقنين، حيث تباينت المنهجية المتبعة فيها وتغيَّرت عبر الزمن؛ لمواكبة التطورات القانونية الحديثة، فكان المنهج التشريعي هو السائد في سن القوانين المتأثرة بالنظام اللاتيني وفي مقدمتها القانون الفرنسي، ثم انتقلت فكرة التقنين إلى القوانين العربية بدرجات متفاوته، وآثر بعضها التمسك بالمنهجية المقررة في الفقه الإسلامي، وحاولت مزجها بالمنهج التشريعي الغربي، فوضعت قوانينها طبقاً لذلك.
وإلى جانب ما تقدم، كان المنهج القضائي المتمثل بالنظام الأنجلوأميركي يتطور ويُغيِّر من منهجيته في تنظيم القواعد القانوينة، فأخذت العديد من الدول المتبعة لهذا النظام بتقبل فكرة التقنين إلى جانب السوابق القضائية ومنها القوانين الإنجليزية والأمريكية والماليزية، فتوسعت دائرة التقنين فيها، وبالمقابل وُجدت فكرة الأخذ بالسوابق القضائية في الدول ذات المنهج التشريعي، فكانت المبادرة في إمارة دبي، حيث وُضِع ولدواع اقتصادية نظام للمحاكم المدنية يعمل وفقاً لمنهج السوابق القضائية، إلى جانب المنهج التشريعي المتأثر بالفقه الإسلامي والمطبق في الإمارة، مما يشير إلى تنامي فكرة المزج بين النظم القانونية في المستقبل لدى العديد من الدول؛ لجمع مزايا كلا النظامين في المنظومة التشريعية الواحدة.
كما تسلط الدراسة الضوء على بعض الجوانب المتداخلة بين الفقه الإسلامي والنظام اللاتيني من جانب، والنظام الأنجلوأميركي من جانب آخر، حيث أثيرت دعوى تأثر الفقه الإسلامي بالمنهج التشريعي المستمد من النظام اللاتيني، فضلاً عن وجود تقارب بين الفقه الإسلامي والنظام الأنجلوأمريكي، وتحديداً القانون الإنجليزي من حيث منهجية استنباط وتطبيق القواعد القانونية، فضلاً عن تشابه في القواعد الكلية والتطبيقات الفرعية.
كلمات دالة: سن القوانين، سوابق قضائية، الفقه الإسلامي، النظام الأنجلوأميريكي، النظام اللاتيني، القانون المدني المقارن.