نحو تحقيق الاستدامة في التجارة والطاقة والمناخ
أ. د. رافائيل ليل أركاس
أستاذ القانون – مركز القانون التجاري – جامعة كوين ماري – لندن – المملكة المتحدة
الملخص
تهدف هذه الورقة إلى تطوير أدوات فعالة لقانون وسياسة التجارة من أجل حماية الطاقة المستدامة وحماية البيئة بهدف النهوض بالتشريعات الحالية. في السابق، كان قانون التجارة أداة قوية لإحداث التغيير في مجالات العلوم الأخرى. إن الفرضية التي تقوم عليها هذه الورقة هي أن قانون التجارة يمكن أن يكون أداة للمساعدة في التخفيف من تغير المناخ وتعزيز الطاقة المستدامة. ومن المعروف أن البلدان تنمو اقتصاديًا بفضل التجارة، ومن هنا تأتي الفائدة الثلاثية للتجارة، والتي يمكن أن يكون لها تأثير اقتصادي وبيئي واجتماعي إيجابي.
تتحدى هذه الورقة القول بأن تأثير التجارة الوحيد على البيئة هو تأثير سلبي، بل على العكس من ذلك، تتبنى الورقة وجهة نظر غير تقليدية مفادها أن النظام التجاري لا يفيد الاقتصاد والمجتمع فحسب، بل وقد يسهم أيضًا في حماية البيئة، مع التركيز بشكل خاص على إزالة الكربون، وهو أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البشرية اليوم. بهذا المعنى، تقترح الورقة نقلة نوعية في كيفية تعاملنا مع التجارة وتطوير نظرية جديدة تستند إلى الفائدة الثلاثية للتجارة. تدمج الورقة بين الاتجاه الجديد للحلول التصاعدية بدلاً من الحلول التنازلية للتحديات العالمية التي نواجهها اليوم. إن التحليل الذي تقوم به هذه الورقة لإمكانيات التجارة لحماية البيئة سيقوم بما يلي:
• تغيير النموذج العلمي القائل بأن تأثير التجارة الوحيد على البيئة هو تأثير سلبي من خلال اقتراح فكرة جديدة لاستخدام اتفاقيات التجارة الإقليمية الضخمة (RTAs) للتخفيف من تغير المناخ وتعزيز الطاقة المستدامة؛
• توضيح أن النهج التصاعدي للحوكمة يمكن أن يقدم لنا العديد من الإجابات عن القضايا العلمية من خلال طرح فكرة جديدة تتمثل في أن المشاركة المتزايدة للمواطنين ستسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
سيُظهر هذا النهج إمكانات النظام التجاري للمضي قدمًا بالعديد من أهداف التنمية المستدامة، ومن المرجح أن يخلق فرصًا جديدة ويفتح نوافذ جديدة لمزيد من البحث.
تنقسم هذه الورقة إلى قسمين:
1. الاتفاقيات التجارية كوسيلة للعمل المناخي والطاقة المستدامة (القسم الأول)
من نقل الطاقة، إلى نقل التكنولوجيا وحماية الاستثمار، تتداخل الطاقة المتجددة والتجارة عبر مختلف المجالات. سيبحث القسم الأول في أساس قيام الاتفاقيات التجارية الجديدة بتناول الاهتمامات المشتركة على نحو أفضل. سينظر هذا القسم في التحسينات التي يمكن إجراؤها على النظام التجاري لضمان الطاقة المستدامة وأسواق الطاقة عالية الكفاءة. وأن أحدث ما توصل إليه العلم هو وجود عدد قليل جدًا من الاتفاقيات التجارية التي تتناول فصولها موضوع التنمية المستدامة. وعلاوة على ذلك، فإن هناك نقصًا في الدراسات التي يمكن أن تثري الجانب العملي من الموضوع. إن الفرضية التي تدفع بها هذه الورقة هي أن الاتفاقيات التجارية يمكن أن تكون وسيلة لمعالجة الاهتمامات العالمية المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن النهج متعدد وجهات النظر المتبع في هذه الورقة سيكشف عن آراء ذات أهمية.
2. الحوكمة التصاعدية: تمكين المواطن في مجال الاستدامة (القسم الثاني)
يحصل استخدام علم الاقتصاد السلوكي في السياسة العامة على اهتمام متزايد في الآونة الأخيرة. فيما يتعلق بسياسة الطاقة، فإن هناك حاجة ماسة للجهود المبذولة لتوجيه الناس نحو «أفضل» خيارات وسلوكيات ممكنة، أي كفاءة أكثر في استخدام الطاقة. هناك أدلة متزايدة على أن الحوافز الصحيحة تحفز التغيير السلوكي. كان هذا هو الحال بالتأكيد في بلدان الشمال الأوروبي، حيث فشل ما يسمى بالنموذج الاسكندنافي في السياسات التنازلية (مثل إنشاء سياسة دفاع مشتركة، وعملة واحدة)، ولكنه كان ناجحًا للغاية في تصميم نهج تصاعدي للسياسات مصحوبًا بحوافز مناسبة وتكامل السوق. إن التحول العلمي في إدارة التنمية المستدامة يعني ضمناً وضع المواطنين في قلب هذه العملية. إن ظاهرة ما نصفه «بالنهج التصاعدي» للتنفيذ الديمقراطي لخطط التخفيف من تغير المناخ هي إحدى الاتجاهات الضخمة في القرن الحادي والعشرين.
ماذا عن حوكمة التجارة الدولية؟ كيف يمكن إدارتها بشكل تصاعدي بحيث يكون هناك نظام تجاري مفتوح من الناحية السياسية والقانونية والاقتصادية؟ كيف يمكننا زيادة مشاركة المجتمع المدني؟ كيف يمكننا تمكين المواطنين؟ لقد جرت العادة على أن تنفيذ السياسة التجارية يتم من قبل الدبلوماسيين التجاريين. ألا يجب أن نستمع إلى هموم المواطنين واهتمامات أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟ لذلك، فإننا نقترح عملية تصاعدية، بمشاركة أكبر عدد ممكن من المواطنين، وهي المسألة التي شكلت نجاحًا كبيرًا وغير متوقع منذ عام 2016 في مجال تغير المناخ.
كلمات دالة: التجارة الدولية، تغير المناخ، الطاقة، الاستدامة، البيئة.