وسائل حماية المشروعات التجارية في قانون الإفلاس الإماراتي الجديد

حمد سالم المسافري
باحث دكتوراه – كلية القانون – جامعة الشارقة – الإمارات العربية المتحدة

الملخص

كانت معالجة الإفلاس تتم سابقاً في الإمارات من خلال قانون المعاملات التجارية رقم 18 لسنة 1993، الذي لم يعالج موضوع تعثر المشروعات وإمكانية النهوض بها قبل إعلان إفلاسها إلا من خلال الصلح الواقي من الإفلاس، ونظراً لما تم توجيهه إلى هذا القانون من انتقادات سعى المشرِّع لإعادة تأهيل المشروعات المتعثرة مالياً وإدارياً للعودة إلى نشاطها، وإيجاد آلية قانونية تسمح بالتدخل في الوقت المناسب لحمايتها من الإفلاس، إذ إن مثل هذه المعالجة الاستباقية يكون لها نتائج إيجابية على النشاط التجاري، خاصة إذا ما عرفنا أن قانون الإفلاس الإماراتي الجديد رقم 9 لسنة 2016 استحدث عدة طرق ووسائل لمعالجة الوضع المتعثر ومساعدة المشروعات على تنظيم أوضاعها والنهوض بها من جديد، ولهذه الغاية عمل على منع التصفية والإفلاس وتفعيل الوسائل البديلة، خاصة وأن المدين عند التعثر يبحث عن أي طريقة ليتفادى إشهار إفلاسه، لاسيما إذا ما عرفنا بأن المراحل الأولى للتعثر، والتي يمكن أن يمر بها أي مشروع، يكون من السهولة معالجتها قبل أن يستفحل الخلل ليصل لمراحل متقدمة تصعب معها المعالجة وتقتصر على التصفية وإشهار الإفلاس الذي تعمل أغلب القوانين الحديثة على تجنبه لما يترتب عليه من آثار سلبية.
لذلك كانت الحاجة ماسة إلى قانون جديد يتماشى مع القوانين والتشريعات المعمول بها في الإمارات، ويتسم بشفافية أكبر للدائن والمدين، وتكون الإجراءات فيه مبسطة وسهلة بدلاً من قانون المعاملات التجارية الذي يعمل على غل يد المدين ومنعه من التصرف في أمواله ويوقع عليه عقوبة السجن أو الحبس، وإذا لجأ للمحكمة للحصول على الصلح فإنَّ ذلك يحتاج إلى إجراءات كثيرة ومعقدة تستغرق وقتاً طويلاً. وبعكس ذلك، فقد راعى القانون الجديد السرعة وقدم التسهيلات اللازمة لاستمرار النشاط التجاري، وساير القوانين التي تهدف إلى الإنقاذ والحماية بوسائل عدة تتماشى مع اتساع الحركة التجارية الخارجية وحجم المعاملات الدولية، ووضع القواعد المساعدة لضمان استمرار النشاط وإعادة الهيكلة بدلاً من التصفية وبيع الأصول، فسمح بإعادة تنظيم المديونية، والحصول على قروض بشروط ميسّرة، ونفى الصفة الجنائية عن التزامات المدين، وسمح ببروز فلسفة جديدة تعمل على مساعدة المدين تحت إشراف القضاء، وقد حرص القانون على تسريع مواعيد الإجراءات لتبلغ غايتها في وقت معقول، فالاختصار يؤدي إلى تقليل تكلفة ونفقات التفليسة، ويتيح للمدين العودة إلى سوق العمل ويصبح المجال أمامه متاحاً للوقوف على قدميه من جديد ليتمكن من الوفاء بالتزاماته.
لقد قَدَّم القانون الجديد العديد من المعالجات لإنقاذ المشروعات ومن بينها الصلح الواقي من الإفلاس حيث أعاد تنظيم أحكامه من جديد وبشكل مختلف كثيراً عن التنظيم السابق الوارد في قانون المعاملات التجارية، مما يعد ترجمة للأساليب الجديدة في الحماية وإنهاض المشروعات التجارية. وعليه سنتعرض في هذا البحث إلى الهيكلة المالية والإفلاس في المبحث الأول، ثم للصلح الواقي من الإفلاس في المبحث الثاني.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)