العلاقة بين مؤسسة البترول الكويتية والقياديين فيها علاقة تعاقدية – تعليق على حكم محكمة التمييز في الطعن رقم 872/ 2013 إداري /2 الصادر بتاريخ 19/5/2015

د. علي سعود الظفيري
أستاذ مساعد – كلية القانون الكويتية العالمية

الملخص

بتاريخ 2015/5/19 أصدرت محكمة التمييز الكويتية – الدائرة الإدارية الثانية- حكمها في الطعن بالتمييز رقم 872 لسنة 2014 إداري/2، يقضي بعدم قبول دعوى موظف في مؤسسة البترول الكويتية، لانتفاء القرار الإداري، تأسيساً على أن قرار إنهاء العلاقة التعاقدية لا يعد من ضمن القرارات التي تخضع لولاية قضاء الإلغاء، لصدوره تنفيذاً لعقد التوظيف، وهو عقد إداري، مما يُخضع القرارات التي تصدر بناء عليه لولاية القضاء الكامل وليس لولاية قضاء الإلغاء.
وقد اختلف رجال القانون، حول صحة هذا الحكم، منهم المؤيد، ومنهم المعارض، وكلٌ له حجته وأدلته، لاسيما وأن محكمة أول درجة، كيَّفت الأمر على أنه قرار إداري يخضع لولاية قضاء الإلغاء ثم قضت بإلغائه، وتم تأييد هذا القضاء أمام محكمة الاستئناف، إلا أن محكمة التمييز خالفت هذا النظر، وقضت بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.
ونظراً لأهمية هذا الحكم من الناحية القانونية، وفي ضوء الآثار التي يرتبها على موظفي مؤسسة البترول الكويتية، وكذلك موظفي الهيئات والمؤسسات الحكومية التي تنتهج أسلوب العقد كأداة للتعيين، وذلك بتكريس هيمنة الإدارة العليا وتمكينها من استخدام رخصة إنهاء عقود التوظيف في أي وقت، بعيداً عن رقابة القضاء الإداري، عن طريق دعوى الإلغاء، فقد آثرنا دراسة هذا الحكم بشيء من التحليل والتأصيل، باعتباره حكماً صادراً من أعلى درجة من درجات القضاء الإداري، والذي يُعد بمثابة قاعدة قانونية، تلزم الجهات الإدارية والمحاكم الدنيا بوجوب احترامها والتقيد بمبادئها، باعتبار أن القضاء الإداري هو في حقيقته قضاء إنشاء.
ومن ثم فقد عرضنا أولاً إلى مدى تأثير طلبات الخصوم في الدعوى على سلطة القاضي الإداري في تكييف الطلبات في الدعوى، ثم تناولنا ثانياً أسباب الحكم محل هذه الدراسة لبيان مدى اتفاقه أو اختلافه مع القانون، ببحث الطبيعة القانونية لقرار إنهاء خدمة المدعي، ومدى ارتباطه بنظام التعيين، وانتهينا إلى صحة الحكم وانسجامه مع المبادئ المقررة في عدم خضوع القرارات الصادرة تنفيذاً للعقد الإداري إلى ولاية قضاء الإلغاء، ودون تفرقة بين العقد الذي يبرم مع الموظف الكويتي، أو العقد الذي يبرم مع الموظف غير الكويتي. أما إذا كانت القرارات متعلقة بالجانب اللائحي، ولم تستند إلى نصوص العقد، مثل القرارات التي تُتخذ في شأن المسائل التأديبية أو الترقيات أو تقويم الأداء، فهي قرارات إدارية، مما تستنهض ولاية قضاء الإلغاء.
كما خلصنا إلى أن عدم خضوع القرارات الصادرة بإنهاء العلاقة التعاقدية لموظفي المؤسسة، لولاية قضاء الإلغاء، لا يعني ذلك حرمانهم من اللجوء إلى القاضي الإداري، نتيجة التعسف في استخدام السلطة بطريق غير مشروع، ابتغاء بطلان التصرف، والتعويض عنه، وفقاً لولاية القضاء الكامل، استناداً إلى النظرية العامة في إساءة استعمال الحق المنصوص عليه في القانون المدني وفق المادة (30)، مما يحق للموظف إثبات عدم إخلاله بشروط عقد التوظيف، وأن هذا الفصل تم بغير الطريق التأديبي (التسريح)، اعتسافاً في استعمال هذه الرخصة مما يستنهض ولاية القضاء الكامل ببحث موضوع هذا التصرف، ومدى سلامته من الناحية القانونية والواقعية.
وهكذا فإنه بغير هذا الاتجاه، لا سبيل أمام موظفي مؤسسة البترول الكويتية من الكويتيين، وأي من موظفي مؤسسات الدولة وهيئاتها، الذين يتم تعيينهم بالعقد الإداري، من الخضوع لمقتضيات هذا الحكم إلا بتضمين العقود التي تبرم معهم، أو اللوائح نصاً يقضي بعدم جواز إنهاء العقد بإرادة الجهة الإدارية المنفردة كي تستنهض ولاية قضاء الإلغاء. وبذلك يكون صدور قرار بإنهاء الخدمة في هذه الحالة خارج نطاق العقد، مما يخضع لرقابة قضاء الإلغاء.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)