أ.د. بدرية عبد الله العوضي
رغم أن القانون بفروعه المختلفة يشكِّل أداة تنظيمية لحياة الناس التي تضج بالحركة والتفاعل والتدافع، بما يكسبه طابعاً ديناميكياً ومتطوراً، إلا أن المجلات العلمية التقليدية غالباً ما كانت تتضمن أبحاثا قانونية نظرية، مُطوَّلة ومغرقة في التفاصيل، وبعيدة عن واقع وقضايا وتحديات المجتمعات، مما جعل متابعتها متدنية وتأثيرها محدوداً، سواء داخل أسوار الكليات والجامعات أو خارجها. وهذا هو واقع أغلب الدوريات العلمية القانونية العربية، التي لا تجد نفسها فقط مكبَّلة بظروف بلدانها المختلفة، ولكن أيضاً بالتصور التقليدي لمحرريها والمسؤولين عنها.
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية حاولت منذ بدء صدورها أن تقدم تجربة جديدة في هذا المجال من خلال تسليط الضوء أكثر فأكثر على القضايا والتحديات القانونية واستقطاب أبحاث علمية متميزة، اجتهد أصحابها لتقديم معالجات وتصورات قانونية علمية لقضايا معاصرة، وهي إذ تتطلع إلى تعاون وشراكة أكبر مع الباحثين وتفعيل جدي لمختلف الأدوات والأطر البحثية والعلمية، فإنها تسعى إلى أن تشكِّل أبحاثها قيمة مضافة، سواء بالنسبة للفكر القانوني أو الاحتياجات والمتطلبات المجتمعية المعاصرة في مختلف مناحي الحياة والتي تستوجب تدخلات واجتهادات قانونية وتنظيمية.
وفي هذا السياق، تعرض المجلة في عددها الثاني عشر اجتهاداً علمياً جديداً لواحد من أبرز أعضاء هيئة التدريس في كلية القانون الكويتية العالمية، وهو المفكر الاقتصادي الإسلامي الأستاذ الدكتور عبدالحميد البعلي، والذي ضمنه في بحثه المعنون بـ «نحو مؤشر إسلامي للتعامل في السوق المالية والنقدية بديلاً عن مؤشر الفائدة الربوية»، حيث يقدِّم فيه معالم نظرية جديدة، تتعلق بمؤشر لقياس أداء المؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية، يقوم على سبعة عشر مرتكزا مستنبطة، وعلى أربعة عشر محدداً إطارياً لبنائه، بالإضافة للمبادئ الفقهية الكبرى التي يقوم عليها، وتحقق عدة أهداف من بينها الحفاظ على الأصول والثروات في كل الأوقات، وضمان أعلى مستوى من الكفاءة المالية والاقتصادية.
كما تعرض في عددها أيضاً بحثاً للأستاذ الدكتور سعيد عبداللطيف إسماعيل تحت عنوان: «رؤية وتحليل للتحديات المستجدة للحق في الخصوصية الناتجة عن الثورة الرقمية وتطور الاتصالات والإنترنت»، يعرض فيه للتحديات التي تواجه حقوق الإنسان وسيادة الدول جراء التطورات التقنية المتسارعة، وسبل إيجاد تنظيم قانوني متوازن من خلال التجارب الدولية والإقليمية في هذا المجال.
ومن جانب آخر تضمن العدد الجديد بحثاً للدكتور هشام الصالح تحت عنوان «مبدأ المساواة في شغل الوظيفة العامة – دراسة تطبيقية»، قدَّم فيه دراسة لهذا المبدأ في الكويت، باعتباره أحد المبادئ العامة للقانون الذي يحكم التعيين في الوظائف العامة، وتوصل فيها إلى تحديد مفهوم المبدأ وأساسه الدستوري والقانوني، وإلى عدم جواز التمييز بين المتقدمين لشغل الوظائف العامة استنادًا إلى الاعتبارات السياسية أو الدينية، أو لاعتبارات الجنس؛ لمخالفة ذلك للدستور والمواثيق الدولية. كما تضمن البحث محاولة للوقوف على واقع التوظيف على مستوى الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة في الكويت، وإلى أي مدى وُفِّق المشرِّع في وضع أسس دقيقة تضمن حق الأفراد في تولي الوظائف وفق مبدأ المساواة.
وأخيراً تضمن العدد بحثاً للدكتورة وئام المصري معنون بـ «الدعوى الجزائية العمومية في دولة الكويت وبعض الدول العربية»، عرضت فيه لإجراءات الدعوى الجزائية وطبيعتها، وللتطورات الحاصلة بشأنها، وما يقتضيه ذلك من تدخلات تشريعية.