كلمة العدد
مجلس الدولة في الكويت
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
بشكل لافت، شهدت الساحة التشريعية والبرلمانية الكويتية خلال السنوات الثلاثة الماضية تدفقاً وغزارة في التشريعات والقوانين التي تم إقرارها والموافقة عليها، مع رجحان واضح لكفة المشاريع الحكومية على حساب المقترحات النيابية، وهو أمر طبيعي لأن الحكومة تملك أجهزة قانونية وإدارية واسعة يمكنها إعداد مشاريع القوانين وفقاً للدراسات والاحتياجات، وهي من يجب أن تكون صاحبة المبادرة التشريعية في ظل غياب نظام العمل البرلماني الجماعي. اقرأ النص كاملا
مجلس الدولة في الكويت
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
بشكل لافت، شهدت الساحة التشريعية والبرلمانية الكويتية خلال السنوات الثلاثة الماضية تدفقاً وغزارة في التشريعات والقوانين التي تم إقرارها والموافقة عليها، مع رجحان واضح لكفة المشاريع الحكومية على حساب المقترحات النيابية، وهو أمر طبيعي لأن الحكومة تملك أجهزة قانونية وإدارية واسعة يمكنها إعداد مشاريع القوانين وفقاً للدراسات والاحتياجات، وهي من يجب أن تكون صاحبة المبادرة التشريعية في ظل غياب نظام العمل البرلماني الجماعي.
وإذا كان من المؤكد أن جزءاً بسيطاً من تلك التشريعات التي تم إقرارها وإصدارها شكل إضافة نوعية واستجابة لمتطلبات واحتياجات قانونية وتشريعية كانت البلاد بحاجة لها، مثلما هو الحال بالنسبة لقانون البلدية، وقانون المناقصات، وقانون حقوق المؤلف، وقانون الوكالات التجارية، وقانون رعاية المسنين، وقانون رعاية الأحداث وغيرها، إلا أن البعض الآخر منها كان يتضمَّن مثالب كبيرة، بعضها دستوري، مثلما هو الحال بالنسبة لقانون الإعلام الإلكتروني، وقانون منع المسيء، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقانون البصمة الوراثية.
وفي إطار حركة المبادرة التشريعية الحكومية هذه، أقدمت الحكومة خلال شهر مايو الماضي على إحالة مشروع قانون بإنشاء مجلس الدولة إلى مجلس الأمة لمناقشته ولإقراره في دور الانعقاد الذي كان قائماً (قبل العطلة الصيفية وقبل صدور المرسوم الأميري بحل مجلس الأمة)، وهو مشروع جاء في أربع وثمانين (84) مادة، ويتضمن تغييرات جوهرية فيما يتعلق بتنظيم وهيكلية واختصاصات ليس فقط عمل القضاء الإداري في البلاد، بل والهيكل والتنظيم والاختصاص القضائي عامة، كما يتضمن آثاراً على المتقاضين خاصة في القضايا الإدارية، بما فيها تلك القضايا ذات العلاقة بالحقوق والحريات السياسية والأساسية. لقد نص مشروع القانون على إنشاء مجلس للدولة كونه جهة قضائية تختص بوظائف القضاء الإداري والإفتاء وصياغة مشروعات القوانين واللوائح، وأوضح بأن المجلس يتكوَّن من قسمين أحدهما قضائي ويتكوَّن من المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية، وثانيهما استشاري، بالإضافة إلى رئيس ونواب ووكلاء وأمانة عامة. وقد حدَّد المشروع في مادته الخامسة عشرة، التي تتضمن عشر فقرات، اختصاصات المحاكم الإدارية لتشمل كل المنازعات الإدارية سواء كانت ناتجة عن قرارات أم عقود إدارية، ثم أوردت في المادة التي تلتها (16) ما لا تختص به، وهي (الطلبات المتعلقة بالسيادة والقرارات الصادرة في كافة مسائل الجنسية والإقامة وإبعاد غير الكويتيين وإنشاء دور العبادة)، وهو مأخذ واضح على هذا المشروع.
لقد كانت مسألة إنشاء مجلس للدولة في الكويت مطروحة منذ عدة عقود، وقد نص الدستور على جواز إنشائه في المادة (171) التي جاء فيها أنه: (يجوز بقانون إنشاء مجلس للدولة يختص بوظائف القضاء الإداري والإفتاء والصياغة المنصوص عليها في المادتين السابقتين). وقد تزايد الاهتمام بها في ضوء الارتفاع الكبير بأعداد القضايا والخصومات الإدارية، وبطء الفصل فيها، وتعطل مصالح المواطنين، وتعثر أعمال الجهات الإدارية ذات الصلة، كما أن هناك إجماعاً لدى الفقه الدستوري والإداري في الكويت على ضرورة وأهمية هذا المجلس، وفي هذا الإطار دعا الدكتور عثمان عبد الملك الصالح، رحمه الله، (المشرِّع الكويتي إلى أن يخرج عن تردده الطويل ويرسي صرح القضاء الإداري في الكويت بإنشاء مجلس الدولة المقترح بالدستور، والذي نرجو أن يحقق الآمال الكبار التي علقها الجميع عليه وأن يكون لوجوده صداه في نوعية التشريع ومسيرة الحكم كله)، وأكد على أهمية ذلك بالقول: (إن خلق مجلس الدولة الذي دعا الدستور إلى إنشائه أصبح ضرورة ملحة لتوطيد دعائم مبدأ المشروعية، المانع للفوضى، الناشر للعدالة، الخادم للسلام والمثبت لأي نظام).
وقد شاركت أجيال من الفقهاء والباحثين والقانونيين ذلك الإلحاح على ضرورة اعتمادها في إطار مشروع لتطوير القضاء الكويتي برمته، مما جعل الأمر على قدر كبير من الأهمية. ولأجل ذلك فقد شدَّ المشروع الحكومي الأخير بإنشاء مجلس للدولة أنظار وانتباه الكثيرين خاصة من الجهات ذات الصلة المباشرة، كما هو الحال بالنسبة للمجلس الأعلى للقضاء، وجمعية المحامين، وغيرهما، بالإضافة إلى الحقوقيين والناشطين في مجال الحقوق والحريات العامة. ومنذ أن أُعلن عن موافقة مجلس الوزراء على المسودة وإحالتها إلى مجلس الأمة باعتبارها مشروعاً حكومياً ونُشرت نصوصه في وسائل الإعلام، توالت الملاحظات المرحبة والمنتقدة للمشروع، وهو ما يؤكد أهمية هذا المجلس والحاجة إليه، لكن هذا النقاش والتداول سرعان ما خبت جذوته بعد صدور مرسوم بحل مجلس الأمة، مما يعني أن المشروع برمته ربما يؤجل إلى وقت غير محدد، بما يعنيه ذلك من تضييع لفرصة حقيقية في إصلاح النظام القضائي في الكويت.
من المؤكد أن إعداد المشروع شابته الكثير من الأخطاء ومن بينها عدم طرحه للنقاش أمام الرأي العام وإشراك الجهات ذات الصلة، بالإضافة إلى تقييد اختصاص القضاء الإداري ومنعه من بسط رقابته على قرارات الحكومة بشأن إسقاط الجنسية وسحبها والتوسع في قرارات السيادة، لكن من المؤكد أيضا أن إنشاء مجلس للدولة في الكويت لم يعد فقط مشروعاً حكومياً بل هو ضرورة تقتضيها خطط تطوير المنظومة القانونية والقضائية، بما يكفل فعاليتها وضمان الحقوق والحريات، ولابد من تكاتف الجهود بين مختلف الأطراف من أجل إقراره واعتماده في أقرب وقت ممكن، وذلك على أسس ومبادئ العدل والمساواة وسيادة القانون، وقد كان لكلية القانون الكويتية العالمية اسهاماً في الملاحظات على هذا المشروع سننشرها في عدد قادم.
المحتوى
مدى سقوط الشرط الجزائي بفسخ العقد في ضوء أحكام محكمة التمييز
د. صالح ناصر العتيبي
أستاذ مشارك - القانون الخاص - كلية القانون الكويتية العالمية
المنافسة غير المشروعة في ضوء القانون القطري
د. محمد بن عبد العزيز الخليفي
أستاذ القانون التجاري المشارك - كلية القانون - جامعة قطر
د. صلاح زين الدين
أستاذ القانون التجاري المشارك - كلية القانون - جامعة قطر
آثار تصرفات المفلس في فترة الريبة دراسة في قوانين دول مجلس التعاون الخليجي
د. عايض راشد المري
قسم القانون- كلية الدراسات التجارية الهيئة العامة للتعليم التطبيقي – الكويت
الأزمة السورية في ظل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
د. مفرح مطلق السبيعي
أستاذ مساعد - القانون الدولي العام أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية – الكويت
مصير اللقائح البشرية الفائضة عن عملية التلقيح الاصطناعي وفقاً لأحكام النظام السعودي والقانون الإماراتي- دراسة مقارنة
فهيم عبدالإله الشايع
باحث دكتوراه – كلية الحقوق – جامعة القاهرة
النظام القانوني للأراضي الأميرية في فلسطين
حسين عاهد عيسه
باحث دكتوراه - كلية العلوم القانونية الإقتصادية - طنجة - المغرب