العدد الدوري | السنة الحادية عشرة – العدد 4 | العدد التسلسلي 44 | صفر 1445هـ – سبتمبر 2023م
كلمة العدد
تعديلات على قانون المحكمة الدستورية
لتعزيز الاستقرار السياسي والتشريعي والقانوني
أ. د. بدرية عبد الله العوضي
تضمنت الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) في عددها 1650، السنة التاسعة والستين، الصادرة بتاريخ 27 أغسطس 2023، القانون رقم 119 لسنة 2023 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، وقد أضاف هذا القانون مادتين جديدتين مهمتان برقمي (مادة رابعة مكرر أ)، و(مادة رابعة مكرر ب)، جاء نصهما على النحو الآتي:
تعديلات على قانون المحكمة الدستورية لتعزيز الاستقرار السياسي والتشريعي والقانوني
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
تضمنت الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) في عددها 1650، السنة التاسعة والستين، الصادرة بتاريخ 27 أغسطس 2023، القانون رقم 119 لسنة 2023 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، وقد أضاف هذا القانون مادتين جديدتين مهمتان برقمي (مادة رابعة مكرر أ)، و(مادة رابعة مكرر ب)، جاء نصهما على النحو الآتي:
المادة (رابعة مكرر أ): «لكل ذي مصلحة شخصية مباشرة الطعن أمام المحكمة الدستورية بدعوى أصلية في مرسوم حل مجلس الأمة، وكذلك في مرسوم الدعوة لانتخابات أعضاء مجلس الأمة، خلال عشرة أيام من تاريخ نشرهما في الجريدة الرسمية. وتصدر المحكمة حكمها في الطعن خلال عشرة أيام من تاريخ انقضاء ميعاد الطعن».
المادة (رابعة مكرر ب): «في جميع الأحوال لا يجوز للمحكمة الدستورية النظر في مرسوم حل مجلس الأمة، وكذلك في مرسوم الدعوة لانتخابات أعضاء مجلس الأمة بعد إعلان نتيجة الانتخاب. وتفصل المحكمة في الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم خلال ثلاثين يومًا من تاريخ انقضاء ميعاد الطعن».
وباستقراء هاتين المادتين يمكن الإشارة إلى الملاحظات التالية:
أولًا: أكد القانون ضمان حق المواطنين من ذوي المصلحة الشخصية والمباشرة في الطعن على مراسيم السلطة التنفيذية المتعلقة بمرسومي حل مجلس الأمة والدعوة للانتخابات التشريعية، وهو حق أصيل يجد أساسه في نصوص الدستور المتعلقة بحق التقاضي، وفي النظام الديمقراطي الذي يحرص على نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها وسلامتها.
ثانيًا: أكد القانون بشكل واضح وصريح احترامه للاختصاصات والسلطات التي حددها الدستور والقانون للمحكمة الدستورية؛ باعتبارها مؤسسة قضائية نزيهة ومحايدة ومستقلة، ولم يتضمن أي مسّ بها أو تقليص لحدودها؛ وذلك إيمانًا بدورها في ضمان سلامة الانتخابات، وشرعية أداء المؤسسات السياسية، وكفالة سيادة القانون.
ثالثًا: أشار القانون إلى مواعيد دقيقة لتقديم الطعون في مرسومي حل مجلس الأمة والدعوة للانتخابات التشريعية، وكذلك للنظر والفصل فيها؛ إذ حدد التقديم في عشرة أيام من تاريخ نشرهما في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) فقط لا غير، كما ألزم المحكمة بالحكم في هذه الطعون خلال عشرة أيام من تاريخ انقضاء أجل ميعاد الطعن. ويستهدف تحديد هذه الآجال ضمان سلامة المراحل التي تسبق الانتخابات وحصر مدتها، والإسهام في تحصين المجلس التشريعي المنتخب، كما أن من شأنه تنبيه السلطة التنفيذية على التأكد من سلامة إجراءاتها خلال استخدام صلاحياتها الدستورية في حل مجلس الأمة والدعوة للانتخابات، وهي أمور مهمة؛ لأنها تتعلق بسير عمل أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية التي تستهدف تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على النظام العام.
رابعًا: تحقيقًا لهدف القانون في ضمان أكبر قدر من الاستقرار للسلطات الدستورية، منع القانون في الفقرة الأولى من المادة (رابعة مكرر ب) المحكمة الدستورية من النظر – وفي جميع الأحوال – في مرسومي حل مجلس الأمة والدعوة للانتخابات بعد إعلان نتيجة الانتخابات؛ إذ يسعى بعض المرشحين الخاسرين إلى إثارة الشبهات والثغرات بشأن المراحل السابقة.
خامسًا: ألزم القانون المحكمة الفصل في الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم خلال ثلاثين يومًا من تاريخ انقضاء ميعاد الطعن، وهو إلزام يستهدف حصر فترة اللايقين في حياة المؤسسة التشريعية.
إن اختصاص مجلس الأمة في هذا الشأن، المتعلق بتحديد مواعيد نظر الطعون لدى المحكمة الدستورية اختصاص دستوري وقانوني أصيل؛ إذ إن إنشاء المحكمة ذاتها تم بقانون أحال عليه الدستور، وإن المجلس ذاته هو من وضع المواعيد والآجال في القوانين المدنية، والتجارية، والجزائية، وغيرها. كما أن تحديد فترة تقديم الطعون والبتّ فيها ليس تضييقًا على المحكمة أو تدخلًا في أعمالها، ولكنها فترة كافية بالنظر إلى موارد المحكمة وعملها المؤسسي وخبراتها المتراكمة في هذا الشأن. وهو أمر يستهدف تحقيق المصلحة العامة واستقرار السلطات والمؤسسات.
ومما لا شك فيه أن هذا المنحى الذي سلكه مجلس الأمة أمر محمود، وقد وجد تعاونًا وتفهمًا من قبل الحكومة التي صوتت إلى جانب القانون (57 نائبًا ووزيرًا صوتوا لصالح القانون في جلسة 26 يوليو 2023)، الذي اقترحته الأغلبية النيابية، كما أن السلطة القضائية أقرته ورفضت طعنًا قدم عليه في حكم صادر عن غرفة المشورة بتاريخ 21 مايو 2024.
إن القانون رقم 119 لسنة 2023 يعد قانونًا مهمًّا وتطورًا تاريخيًّا في تنظيم الطعون على مراسيم الحل والدعوة للانتخابات وعلى سير الانتخابات ونتائجها والفصل فيها من طرف المحكمة الدستورية، بما ينعكس إيجابًا على أداء السلطات الدستورية الثلاث، ويعزز سيادة القانون، والاستقرار السياسي والقانون والتشريعي في البلاد، وهو مكسب للمسار التشريعي والقانوني والسياسي في دولة الكويت، يمكن البناء عليه وتطويره.
العدد الخاص | السنة العاشرة – العدد 11 | ابحاث المؤتمر السنوي 8 ج2 | جمادى الأول 1443هـ – ديسمبر 2021م
كلمة العدد
:القانون في السياق التاريخي والحضاري (2-4)
الإعلانات والقوانين الدولية – مبادئ ومواثيق لتنظيم التعاون والتعايش ونبذ الحروب بين الأمم: نحو مزيدٍ من الإلزام والاحترام
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (سورة الحجرات، الآية 13)
:القانون في السياق التاريخي والحضاري (2-4) الإعلانات والقوانين الدولية – مبادئ ومواثيق لتنظيم التعاون والتعايش ونبذ الحروب بين الأمم: نحو مزيدٍ من الإلزام والاحترام
} يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ{، (سورة الحجرات، الآية 13).
تشكّل العلاقات بين الدول مرآة عاكسة لتطور دور القوانين في تنظيم الحياة داخل المجتمع الدولي، وهو دور يتقاطع في زوايا كثيرة مع دور القانون في المجتمعات المحلية وداخل الدولة الواحدة، ولكنه يختلف عنه باختلاف أطرافه ووحداته. فالقانون الدولي ينظر إلى الدول على قدم المساواة، ويمنحها السيادة على أراضيها ومياهها الإقليمية وأجوائها، ولا يسمح بالاعتداء عليها أو بالتدخل في شؤونها الداخلية. وقد ظهرت قواعد هذا القانون تباعاً في شكل مواثيق واتفاقيات وإعلانات مبادئ وحقوق، بعد مخاض صعب شهد حروباً ونزاعات مأساوية، أودت بحياة عشرات الملايين من البشر في الحربين العالميتين الأولى والثانية، بالإضافة إلى حروب الاستعمار والعدوان.
وتجد كثير من هذه القواعد أصولها وجذورها في النظريات والمدوّنات القانونية التاريخية، التي نشأت في خضم النزاعات بين الأمم السابقة للسيطرة على الموارد وفرض السيادة، وغلبة منطق الحروب والغزو والعدوان، ثم تطوّرت بشكل تدريجي وتراكمي تطوراً استغرق قروناً عديدة، لإقرار السلم بدلاً من الحرب، والتعايش بدلاً من التنازع، واعتماد الحوار والتفاوض بدلاً من السلاح؛ لتسوية المشكلات القائمة.
وقد أسهمت الشرائع السماوية عامة، والشريعة الإسلامية خاصة؛ باعتبارها خاتمة الرسالات والشرائع وأحكمها وأعدلها وأشملها – في زيادة الوعي بأهمية قيم التعايش والتفاهم بين المجتمعات البشرية، ونبذ الفرقة والعدوان؛ حيث قال تعالى في محكم تنزيله: } وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوانÉ{، (سورة المائدة، الآية 2)، كما قال أيضاً: } وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {، (سورة المائدة، الآية 87). وقد وجدت هذه الأحكام تنزيلاً على أرض الواقع في دولة المدينة التي أقامها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتالياً في مكة بعد فتحها؛ ومن ثمّ في باقي الأمصار التي فتحها المسلمون وحكموها، حيث سادت قيم الإخاء والمودّة، والعدل والمساواة، وانتشر الأمن والاستقرار والرخاء في هذه المناطق لفترة؛ وذلك بفعل الالتزام بالقيم والمبادئ التي تضمنتها أحكام الشريعة، والاجتهادات التي توصّل إليها الخلفاء والعلماء والفقهاء.
كما أسهمت المدرستان القانونيتان التاريخيتان: اللاتينية والأنجلوسكسونية، في ظهور كثير من نظريات القانون الدولي وقواعده، وذلك استناداً إلى تجربة الإمبراطورية الرومانية ومبادئ الفلاسفة الرومانيين وأفكارهم، ومن ثمّ فلاسفة عصر الأنوار ومفكريه، الذين عايش بعضهم حقباً مظلمة من تاريخ الحروب الأهلية والبينية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من حروب الاستعمار والعدوان والسيطرة في القرنين: الثامن عشر والتاسع عشر، وخاصة الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن العشرين.
وقد توّج تطور القانون الدولي بظهور عدد من الإعلانات والمواثيق والاتفاقيات والبروتوكولات، التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ومن أبرزها: ميثاق الأمم المتحدة (1945)، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، واتفاقيات جينيف (1949)، وبروتوكولاتها اللاحقة، وغيرها. كما نشطت الجهود الدولية لصياغة واعتماد الاتفاقيات المتعددة الأطراف التي تستهدف تشجيع حل المشكلات والمنازعات بالحوار والتفاوض وتجنّب الحروب.
ومما لا شك فيه أن هذه الجهود والمبادرات قد حقّقت بعض النتائج، لكن المعطيات على أرض الواقع تدلّ على محدودية أثر ترسانة القوانين والاتفاقيات الدولية في كبح جماح النزعة العدوانية المتأصّلة لدى عدد من الأطراف الدولية، التي لا تتردد في استخدام القوة لتحقيق مصالحها، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وفرض شروطها بالقوة. وفضلاً عن أن هذا الوضع قد أفضى إلى زعزعة الاستقرار في العديد من مناطق العالم، فإنه أدى إلى التشكيك أكثر فأكثر في قوة إلزام قواعد القانون الدولي، بل وفي وجودها، بسبب الانتهاكات المتزايدة لها وعدم احترامها من قِبل القوى الكبرى؛ استناداً إلى أن القوانين تحتاج إلى قوة للإلزام بتنفيذ أحكامها، وهو الأمر غير المتوافر بالنسبة لكثير من قواعد القانون الدولي وأحكامه، خاصة إذا ما تعلّق بالقوى الكبرى. كما أن الوقائع المتتالية تؤكد هذا الأمر.
وبالنظر إلى الاحتياجات المشتركة للمجتمعات البشرية نحو تعزيز السلم والاستقرار الدوليين للتصدي للمشكلات الحقيقية التي تهدد مستقبل البشرية (المناخ – الجوع – استنزاف الموارد…)، فإن العديد من الأطراف، وفي مقدمتهم: الدول والحكومات المسؤولة، وكذلك المنظمات الدولية، وفقهاء القانون الدولي، مدعوون لإعادة التأكيد على مراجعة آليات تفعيل احترام قواعد القانون الدولي وأحكامه، وضرورة الالتزام بها لتشمل الجميع دون استثناء.
أحدث المواد المنشورة
العدد 44
2024-08-31T18:36:44+00:00أغسطس 31st, 2024|التعليقات على العدد 44 مغلقة
أوامـر التغييـر ودورهـا فـي حمايـة المـال العـام في ضوء قانون المناقصات العامة الكويتي
2024-08-31T18:02:57+00:00أغسطس 23rd, 2024|التعليقات على أوامـر التغييـر ودورهـا فـي حمايـة المـال العـام في ضوء قانون المناقصات العامة الكويتي مغلقة
أحكام الوعد والمواعدة بالبيع في القانون الكويتي والفقه الإسلامي وأثرها على اتفاقيات منح التسهيلات الائتمانية دراسة مقارنة
2024-08-31T18:03:48+00:00أغسطس 23rd, 2024|التعليقات على أحكام الوعد والمواعدة بالبيع في القانون الكويتي والفقه الإسلامي وأثرها على اتفاقيات منح التسهيلات الائتمانية دراسة مقارنة مغلقة