الاستثمار الأجنبي المباشر- دراسة تحليلية لمحدداته في البيئة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي

أ. د. مجدي محمود شهاب
أستاذ الاقتصاد والمالية العامة كلية القانون الكويتية العالمية

الملخص

سعت دول مجلس التعاون الخليجي في العقدين الأخيرين إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد بشكل أساسي على النفط كمحرك لعملية التنمية الاقتصادية، وقد بذلت جهوداً مميزة من أجل تحسين مناخها الاستثماري؛ وخلق ظروف أفضل لتدفق الاستثمارات الأجنبية وجذبها لمختلف القطاعات الاقتصادية، حيث اتخذت خطوات مدروسة نحو تطوير السياسات والأطر التنظيمية والقانونية الخاصة بالاستثمار الأجنبي, ولقد تمكنت دول المجلس حتى عام 2014 من استقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية غطت العديد من القطاعات، إلا أنها تركزت في صناعات المنتجات المعدنية والآلات والأجهزة الكهربائية بالإضافة إلى الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية.
ومن خلال مؤشر لقياس وضع دول مجلس التعاون الخليجي لقدرتها على جذب الاستثمار لعام 2015 فقد أمكن التوصل باستخدام مؤشر ضمان لجاذبية الاستثمار كمقياس يعتمد على متطلبات رئيسية وأخرى فرعية إلى عدة نتائج, فقد حققت دول مجلس التعاون الخليجي أداءً جيداً من خلال مؤشر الموارد البشرية والطبيعية، والأداء اللوجيستي، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات, وعوامل التميز والتقدم التكنولوجي، كما كان أداؤها متوسطاً في مؤشرات البيئة المؤسسية، وأداء الأعمال، وحجم السوق وفرص وسهولة النفاد إليه، وأقل من المتوسط في مؤشري الوساطة المالية والقدرات التمويلية واقتصادات التكتل.
هذا وتواجه دول مجلس التعاون الخليجي العديد من التحديات التي تؤثر في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ولكنها على الرغم من ذلك لازالت مستمرة بوضع السياسات والتشريعات الهادفة إلى إزالة تلك التحديات.
تقــديــم:
اتجهت دول مجلس التعاون الخليجي في العقدين الأخيرين إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد بشكل أساسي على النفط كمحرك لعملية التنمية الاقتصادية والذي لازال يشكل حوالي 47% من ناتجها المحلي، وتتسم دول المجلس بارتفاع معدل دخل الفرد والذي وصل إلى حوالي 33 ألف دولار، بينما شغلت تجارته الخارجية حوالي 99% من الناتج المحلي، وقد تضاعف حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في دول المجلس من حوالي 84.3 مليار دولار في العام 2005 إلى حوالي 416.3 مليارات في العام 2014 بالمقابل بلغت الاستثمارات الخليجية في الخارج حوالي 200 مليار دولار باستثناء استثمارات الصناديق السيادية التي بلغت حوالي 2.7 تريليون دولار.
وحققت الاستثمارات الأجنبية التراكمية العالمية المباشرة ارتفاعاً ملحوظاً حيث وصلت إلى 25.4 تريليون دولار في العام 2014، أي ما يعادل 33% من الناتج المحلي العالمي، استحوذت الدول الصناعية على حوالي 75.1% منها، فيما حظيت الدول الخليجية بحوالي 1.6% فقط من مجمل الاستثمارات العالمية.
وقد شهدت دول المجلس تزايداً في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال فترة العشر سنوات (2005–2014)، إذ ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التراكمية الوافدة بمعدل نمو مركب بلغ 19.9% سنوياً، وهو ضعف معدل النمو السنوي للاستثمارات العالمية والتي بلغ نموها حوالي 9.6%
خلال نفس الفترة، وتتصدر الاستثمارات البريطانية والعربية والهندية والفرنسية والأمريكية واليابانية قائمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول المجلس، واستحوذت المملكة العربية السعودية على حوالي نصف الاستثمارات الوافدة إلى دول المجلس والبالغة حوالي 416.3 مليار دولار حتى العام 2014.

وفي الوقت الذي تمكنت فيه دول المجلس حتى عام 2014 من استقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي شملت العديد من القطاعات، فقد تركزت تلك الاستثمارات في صناعات المنتجات المعدنية والآلات والأجهزة الكهربائية والمعدات، كما شملت أيضاً الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية.
وبالتزامن مع ذلك فقد بذلت دول المجلس جهوداً متميزة من أجل تحسين مناخها الاستثماري، وخلق ظروف أفضل لتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وجذبها لمختلف القطاعات الاقتصادية، كما اتخذت خطوات هامة نحو تطوير السياسة والأطر التنظيمية والقانونية الخاصة بالاستثمار الأجنبي، وبالرغم من ذلك فإن على دول مجلس التعاون الخليجي الاستمرار في وضع السياسات والتشريعات الهادفة لإزالة التحديات التي تواجه الاستثمار الأجنبي المباشر.
يهدف البحث إلى إيضاح وضع دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة لقدرتها على استقطاب التدفقات الرأسمالية وخاصة الاستثمار الأجنبي المباشر وذلك وفق مؤشر يطلق عليه مؤشر ضمان جاذبية الاستثمار، ويبين هذا المؤشر مدى جاذبية تلك الدول للاستثمار الأجنبي بمعنى مدى توافر العناصر التي لابد من توافرها كي تشجع المستثمر الأجنبي على التحرك نحو الدولة المضيفة؛ حيث تأكد أن الاستثمار الأجنبي لا يتحرك إلا إذا تحقق من توافر قدر من المؤشرات الداعمة والحافزة للتدفقات الرأسمالية، ودراستنا تتجه نحو هذا القياس استناداً إلى التقارير السنوية للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار، وكذلك التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية.
هذا وقد أوضح تقرير الاستثمار العالمي 2015 الصادر عن «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» (الأونكتاد) أن هناك ركوداً في الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2015، وذلك بالرغم من النمو الاقتصادي المتميز في تلك الاقتصاديات في السنوات الأخيرة.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)