السببية العلمية والسببية القانونية – تطوّر مفهوم السببية في المسؤولية الموضوعية: دراسة مقارنة

أ. د. أحمد إشراقية
أستاذ القانون الخاص
مدير كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية
الفرع الخامس، الجامعة اللبنانية

الملخص

مبدئياً، حتى تقوم المسؤولية التقصيرية لا بد من توفر ثلاثة عناصر هي: الضرر، والفعل الضار والعلاقة السببية بين هذا وذاك. فلا بد من علاقة مادية بين الضرر وبين الشخص الذي حدث الفعل المولّد للمسؤولية بسببه. بمعنى آخر لا بد من إثبات علاقة سببية بين الضرر والفعل الضار. فإذا كان من الممكن أن تقوم المسؤولية على خطأ واجب الإثبات، أو مفترض أو حتى مجرد فعل ضار غير خاطئ، إلاّ أنّ هذه المسؤولية لا يمكن أن تقوم دون الصلة السببية. ولابد من الإشارة إلى أنّ أغلب فقهاء القانون والمشرّعين، اهتموا بالفعل الضار والضرر وقلة قليلة منهم اهتمت بعنصر السببية، فالعلاقة السببية طرحت العديد من المشاكل، ومن أبرزها العلاقة بين الضرر والفعل الضار، بحيث هناك اتجاهان: الاتجاه الأول يعتبر أنّ هذه العلاقة يقينية، والاتجاه الثاني يعتبر هذه العلاقة قائمة على القرائن.
وقد تناولنا في هذا البحث التطوّر التاريخي للعلاقة السببية وأهم النظريات التي تأسست عليها في القانون الوضعي وفي الشريعة الإسلامية، كما تطرّقنا إلى التمييز بين السببية العلمية القائمة على اليقين والسببية القانونية القائمة على القرائن في مجالي المنتجات المعيبة ولا سيما فيما يتعلّق بالعلاجات الدوائية، وذلك من خلال المنهج التحليلي المقارن. وتوصّلنا إلى أنّ السببية المطلوب توفرها لقيام المسؤولية الموضوعية هي السببية القانونية القائمة على القرائن القانونية القوية والدقيقة والمطابقة، إذ يقع على القاضي سواء في القانون الوضعي أو في الشريعة الإسلامية أن يكوّن قناعته من خلال استخلاص القرائن كرجل قانون وليس كعالم تطبيقي، وذلك دون قلب عبء الإثبات. كما أنّه يقع على المشرّع أن يُكرّس التوجّه الاجتماعي للمسؤولية من خلال دمج السببية بالضرر، وهذا يعتبر أكثر إنصافاً للضحية وينسجم مع تحقيق العدالة.

كلمات دالة: المسؤولية المدنية، تطوّر السببية، المنتجات المعيبة، القرائن، عبء الإثبات.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)