صور الحوكمة في النظام القانوني الكويتي

أ. د. محمد عبد المحسن المقاطع
رئيس وعميد كلية القانون الكويتية العالمية

الملخص

الحوكمة بمفهومها العام هي النظم والقواعد والإجراءات التي تضبط عمل المؤسسة، وترسم حدود العلاقة بين كافة أطرافها وهيئات القرار المتفاوتة فيها، أياً كانت طبيعتها عامة أم خاصة، ربحية أم غير ربحية، صغيرة أو كبيرة، ديمقراطية في تكوينها أو غير ديمقراطية؛ ولذا فهي نظام قديم متجدد، إلا أنه تطور في الوقت المعاصر وشاع استخدامه بعد أن صار له حاجة ملحة لبيان وضبط طبيعة المؤسسات الحديثة، وتحديداً التجارية منها، إلا أن الحوكمة في طبيعتها نظام لا يمكن أن يغيب عن أي مؤسسة، تنهض بنشاط وتباشر أعمالاً بصرف النظر عن كون عملها أو نشاطها ذا طابعٍ عامٍ أو خاصٍ له صلة بالجمهور، أو قاصراً على أعضائه، يتخذ من الربحية ركيزة لنشاطه واستمراره أو مبنياً على غير الربحية والجهود التطوعية، متعلقاً بنشاط الدولة أو لا صلة له بنشاطها، قائماً لمدة مؤقتة أو بصفة مستمرة.
لقد أصبحت الحوكمة بمقتضياتها ضرورية أيضاً للسلطات العامة التي يقوم عملها على تحقيق التوازن من خلال سن القوانين وإصدار اللوائح والقرارات، وعبر الرقابة والمتابعة بإنشاء المؤسسات والأجهزة المختصة، ولذلك لم تعد أي مؤسسة أو شركة أو جهة أو شخص اعتباري، عام أو خاص، غير قابل لفكرة الحوكمة بأبعادها المختلفة، بما فيها إجراءات الرقابة وعملية الإفصاح وعدم تعارض المصالح، وكل المسائل التي من شأنها أن تؤسس فكرة النزاهة والريادة في مجالاتها. وقد بدأت هذه المؤسسات ذاتياً تلبية ما يمكن أن يعتبر أساساً لقواعد تضبط عملها ومسيرة هذا العمل، وهو جزء من عملية الحوكمة.
ومن المهم الإشارة في هذا المدخل إلى أن الحوكمة لا تقتصر فقط على فكرة المشروعية، كما يذهب إلى ذلك البعض، بل إن المشروعية هي جزء من المسائل التي تنتظمها الحوكمة، وبالتالي فإن الحوكمة إطارٌ ومنظومة أوسع من المشروعية.
وتبعاً لطبيعة المؤسسات وأنواعها ونشاطاتها تتعدد صور وأشكال الحوكمة ونماذجها، ويمكن تصنيف صورها إلى الأشكال الأساسية التالية وهي:
– الحوكمة المرجعية، وهي التي تشكل البناء الأساسي الذي تستمد منه المؤسسات وجودها ويرتبط بقاؤها بقدر حفاظها عليها.
– الحوكمة الإدارية، وهي التي تضبط مشروعية نشاط الأجهزة الإدارية وتراتبيتها التنظيمية وعلاقاتها الرأسية أو الأفقية.
– الحوكمة المهنية والأخلاقية، وهي نتاج تطور قواعد ضبط سلوكيات وأخلاقيات الممارسة الاحترافية أو المهنية للنشاط، وهي تكاد تتواجد في كل نماذج المؤسسات، لكنها أكثر شيوعاً وتفصيلاً في المؤسسات ذات الطبيعة المهنية.
– الحوكمة التجارية، وهي التي تضبط نشاط المؤسسات ذات الطبيعة التجارية.
– الحوكمة الإجرائية، وهي مجموعة الإجراءات التفصيلية التي ترشد كافة خطوات العمل، وترسم كيف وأين ومتى ينبغي أن تسير المؤسسة.
– الحوكمة المالية، وهي التي تهتم بضبط السلوك المالي للمؤسسات.

البحث كاملا بصيغة PDF (باللغة العربية)