كلمة العدد
سقوط مخيف لمبادئ القانون الدولي الإنساني
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
مرة أخرى تجد مؤسسات القانون والمجتمع الدوليين نفسها مشلولة ومعطلة وغير قادرة على التحرك في مواجهة موجة «جرائم التوحش» الجديدة التي تشهدها دول عديدة حول العالم، كما يغيب الضمير الإنساني العالمي بشكل شبه كامل عن الإحساس بآلام ومعاناة المعذبين والمضطهدين وعن التفاعل معهم ومساعدتهم وإنقاذهم رغم الظلم البين الواقع عليهم، وهو ما يكشف عن عمق أزمة هذا القانون والقائمين على تنفيذه، بل وأزمة الضمير الإنساني عامة خلال هذه المرحلة من تاريخ البشرية.
لقد ظن الكثير من الباحثين في مجال القانون الدولي والإنساني أن مجازر الفلسطينيين المتكررة على يد قوات الاحتلال الصهيوني، والتي راح ضحيتها ملايين القتلى والجرحى واللاجئين، وجريمة الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت (في العام 1990)، وبعدها جرائم الإبادة الجماعية في رواندا…
سقوط مخيف لمبادئ القانون الدولي الإنساني
أ.د. بدرية عبد الله العوضي
مرة أخرى تجد مؤسسات القانون والمجتمع الدوليين نفسها مشلولة ومعطلة وغير قادرة على التحرك في مواجهة موجة «جرائم التوحش» الجديدة التي تشهدها دول عديدة حول العالم، كما يغيب الضمير الإنساني العالمي بشكل شبه كامل عن الإحساس بآلام ومعاناة المعذبين والمضطهدين وعن التفاعل معهم ومساعدتهم وإنقاذهم رغم الظلم البين الواقع عليهم، وهو ما يكشف عن عمق أزمة هذا القانون والقائمين على تنفيذه، بل وأزمة الضمير الإنساني عامة خلال هذه المرحلة من تاريخ البشرية.
لقد ظن الكثير من الباحثين في مجال القانون الدولي والإنساني أن مجازر الفلسطينيين المتكررة على يد قوات الاحتلال الصهيوني، والتي راح ضحيتها ملايين القتلى والجرحى واللاجئين، وجريمة الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت (في العام 1990)، وبعدها جرائم الإبادة الجماعية في رواندا، الواقعة في إفريقيا، في عام 1994 والتي شهدت خلال مئة يوم فقط مقتل أكثر من ثمانمائة ألف (800000) شخص، ثم مجزرة سربرينيتسا التي شهدتها البوسنة والهرسك الواقعة في قلب أوروبا في العام 1995 والتي راح ضحيتها أكثر من ثمانية آلاف (8000) رجل وطفل وغيرها، ستكون آخر المجازر التي يشهدها العالم خلال العصر الحديث كما ظنوا أن الدور السلبي لمنظمة الأمم المتحدة، سواء بالنسبة لاحتلال فلسطين وجرائم المحتلين أو جريمة سربرينتسا، حيث لم يحرك جنود الوحدة الهولندية التابعة لها والمكلفين بحماية المنطقة الآمنة، ساكنا لوقف المجزرة، سيكون بمثابة حافز قوي لإعادة النظر في سياسات وإجراءات المنظمة الدولية بالدرجة الأولى والمنظمات الأخرى الدولية والإقليمية على حد سواء، من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين، وحماية حقوق الإنسان في أنحاء مختلفة من العالم، وهو ما نصت عليه مواد كثيرة في ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من المواثيق والإعلانات الدولية والإقليمية اللاحقة.
لكن يبدو أن تلك الظنون لم تكن في محلها، أو ربما كانت متفائلة أكثر من اللازم، فالمجتمع الإنساني يشهد اليوم في عدة دول، ومن بينها دول عربية وإسلامية، مآسي ومجازر متنقلة ويومية، كما هو الحال في سوريا، التي بلغ فيها عدد القتلى أكثر من نصف مليون شخص، وتجاوز فيها عدد المهجرين والنازحين الإثني عشر مليونا بحسب إحصائيات للأمم المتحدة، وذلك بعد خمس سنوات من بداية ثورة شعبية قامت تطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية والمشاركة السياسية. كما شهد هذا المجتمع الإنساني انتشار ما يمكن أن نطلق عليه موجة جرائم التوحش القديمة-الجديدة، والتي دشنتها ميليشيات «داعش»، المرفوضة والمنبوذة في الفكر والممارسة، والمشبوهة النشأة والملابسات، من خلال عمليات ذبح الرهائن وحرقهم وإساءة معاملة النساء وتفجير المؤسسات ومهاجمة الأبرياء في عواصم العالم المختلفة، وغير ذلك من الأعمال التي ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. كما يشهد أيضا وبالموازاة مع ذلك عودة لسياسات حصار المدن وتدميرها وتجويع المدنيين الأبرياء وقصفهم بالأسلحة المحرمة دوليا والاستعانة عليهم بالجيوش والميليشيات الأجنبية (المتفرقة) بهدف إبادتهم وتهجيرهم وهي جرائم حرب متكاملة الأركان تستوجب تحريك القضاء الدولي في مواجهة المسؤولين عنها.
وفي الوقت الذي شهد فيه العالم اتفاقا موضوعيا وتحالفا عسكريا بين عدد كبير من الدول في مواجهة جرائم منظمة «داعش» الإرهابية، إلا أنه صمت وغض الطرف عن الممارسات الإجرامية الأخرى، التي يذهب ضحيتها يوميا آلاف القتلى والمصابين والمهجرين، وهو ما يعيد طرح الأسئلة عن ازدواجية المعايير وعن سلامة معايير تطبيق القانون الدولي الإنساني وعن مشروعية تأمين القوى الدولية للغطاء السياسي للأنظمة التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية بشكل يومي، وللأنظمة التي تتدخل بشكل مستمر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بل وللميليشيات الطائفية التي تشارك بهذه الجرائم. إن هذه الأعمال تشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين في مناطق مهمة من العالم، كما أنها تشكل خرقا وانتهاكا لحقوق الإنسان وكرامته، وهو ما يستدعي تحركا عاجلا من قبل مؤسسات المجتمع والقانون الدولي الإنساني باتجاه تحريك وتفعيل آليات حفظ الأمن والسلم والمحاسبة والملاحقة. كما إن ظهور واستمرار موجة جرائم التوحش الجديدة يشكل خطرا على المجتمع الإنساني ويهدد مكتسبات الحضارة البشرية، ويخالف الطبيعة الإنسانية والنزوع المتأصل فيها نحو الحق والخير والتعايش.
وإذا كان مما لا شك فيه أن المجتمعات الإنسانية كلها، وبدون استثناء، صاحبة مصلحة مؤكدة في سيادة الأمن والسلم الدوليين ودرء مخاطر الحروب والتطرف والتشدد والصراعات والنزاعات، فإنه من المهم التذكير بأن تحقيق هذه القيم والأهداف مسؤولية مشتركة بين الدول والمنظمات والحكومات والشعوب والمؤسسات والأفراد على حد سواء، ولذلك فإنه تقع على عاتق المؤسسات العربية بصفة خاصة والدولية وبالأقليمية والأكاديمية وكذلك الفقه القانوني الدولي تسليط الضوء على هذه التحديات الجديدة وسبل مواجهتها من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة وأجهزتها المتمثلة في مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، لتحقيق قيم العدالة الدولية من خلال تفعيل قواعد القانون الدولي وتحفيز دول المجتمع الدولي وشعوب القوى الكبرى على القيام بواجباتها في هذه المرحلة المهمة من تاريخ البشرية، وهو ما سيحقق الأمن والاستقرار والتنمية لمختلف شعوب الأرض.
المحتوى
الاستثمار الأجنبي المباشر- دراسة تحليلية لمحدداته في البيئة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي
أ. د. مجدي محمود شهاب
أستاذ الاقتصاد والمالية العامة كلية القانون الكويتية العالمية
المواءمة بين المعايير الشرعية والمهنية في الصناعة المالية الإسلامية
أ. د. كمال توفيق حطاب
أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية كلية الشريعة- جامعة الكويت
النظام القانوني للهيئات والمؤسسات العامة الاقتصادية في الكويت
د. أحمــــــد سليمــــــان العتيبـــــــي
أستاذ القانون العام المساعد كلية القانون العالمية
المستحقون لمعاش الضمان الاجتماعي عن المؤمن عليه دراسة مقارنة بين الكويت ومصر
المحامي بدر سعد العتيبي
باحث دكتوراه في القانون الخاص
بعض إشكاليات التحكيم القضائي وفقاً للقانون رقم 11 لسنة 1995 وسبل التغلب عليها
أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع
أستاذ القانون العام وعميد كلية القانون الكويتية العالمية
الاختصاص النوعي لهيئة التحكيم القضائي
أ. د. عزمي عبدالفتاح عطيه
أستاذ قانون المرافعات بكلية الحقوق – جامعة الكويت نائب رئيس جامعة المنصورة سابقاً
انتفاء أعمال السيادة تعليق على حكم محكمة التمييز في الطعن رقم 714 لسنة 2013 مدني/2 – 2013/03/23
د. خالد فايز الحويلة العجمي
أستاذ مساعد بقسم القانون العام كلية القانون الكويتية العالمية