أ.د. بدرية عبد الله العوضي
نشرت مجلة الكويت اليوم مطلع شهر سبتمبر الجاري نص القانون رقم 12 لسنة 2020 بشأن قانون حق الاطلاع على المعلومات بعد أن أقرَّه مجلس الأمة بأغلبية 44 نائباً، ووقَّع عليه نائب أمير الكويت خلال شهر أغسطس الماضي، وهو قانون يتكون من 17 مادة، وقد كان إقراره محل مطالبات شعبية منذ أكثر من عقد من الزمن، باعتباره ركناً أساسيا للديمقراطية التي تكون فيها السيادة للشعب، وعنصراً لا غنى عنه في بناء منظومة دولة الحق والقانون، وما تقتضيه من ضرورة إشاعة واعتماد قيم النزاهة والشفافية من خلال قوانين وإجراءات ملزمة، خاصة بعد موافقة دولة الكويت بموجب القانون رقم 47 لسنة 2006 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي دعت في المادة (10) الدول الأطراف إلى كفالة حق الوصول إلى المعلومات ونشرها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الحق يجد أساسه بالدستور الكويتي في عدد من المواد، من بينها المادة (17) التي أوجبت على كل مواطن حماية الأموال العامة، وهو أمر غير ممكن من دون الحصول على المعلومات المتعلقة بذلك، وكذلك المادة (26)/الفقرة الأولى، التي نصت على أن الوظائف العامة خدمة وطنية تستهدف المصلحة العامة، مما يسمح برقابة هذه الخدمة والاطلاع على ما فيها ومدى تحقيقها للصالح العام.
وفي ضوء ذلك، فإن القانون رقم 12 لسنة 2020 بشأن حق الاطلاع على المعلومات يعد تطوراً إيجابياً في الكويت لأنه يقدم إطاراً قانونياً لكيفية ممارسة المواطنين لحقهم في الوصول إلى المعلومات التي تتعلق بهم، رغم أنه جاء متأخراً بلا شك. وقد أكدت المادة (2) منه على أصالة هذا الحق للمواطن، عندما نصت على أنه: ايحق لكل شخص الاطلاع على المعلومات التي في حوزة الجهات والحصول عليهاب، ثم بيَّنت نطاق ممارسته وقيَّدته: ابما لا يتعارض مع هذا القانون والتشريعات النافذةب، وهو ما يحيل إلى مجموعة من القوانين مثل قانون المطبوعات والنشر، وقانون الإعلام الإلكتروني وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون الجزاء وغيره. ثم أضافت المادة (2) بأنه: ايحق له الاطلاع على القرارات الإدارية التي تمس حقوقه ومعرفة المعلومات التي يحتويها كل مستند يتعلق بهب.
وتشمل هذه الجهات بحسب المادة (1): االوزارات والهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، والشركات الكويتية التي تساهم فيها الدولة أو إحدى الجهات المذكورة بنسبة تزيد على %50 من رأس مالها، والشركات والمؤسسات الخاصة التي تحتفظ بمعلومات أو مستندات نيابة عن هذه الجهات…ب. ولا شك بأن هذا التحديد يغطي كل المؤسسات والأجهزة العاملة في الدولة بما يسمح بالنفاذ والوصول إلى المعلومات الحيوية ذات الأهمية والحيوية بالنسبة لحياة المواطنين ولطريقة تسيير وتدبير شؤون الدولة.
وقد أوجبت المادة (3) من القانون على: اهذه الجهات تسهيل الحصول على المعلومات للأشخاص، وضمان كشفها في التوقيت وبالكيفية المنصوص عليها في هذا القانونب. كما أوجبت عليها في الفقرة الثانية من المادة نفسها أن: اتعين موظفاً مختصاً أو أكثر للنظر في طلبات الحصول على المعلومات التي تكون لديه الخبرة والدراية الكافية في أعمالها، ومنحه الصلاحيات اللازمة للبحث والوصول إلى المعلومة المطلوبة وتقديمها لمن يطلبهاب.
ولتأمين هذه المعلومات، فقد نصت المادة (4) من القانون على أنه: ايجب على كل جهة تنظيم وتصنيف وفهرسة المعلومات والوثائق التي تتوافر لديها حسب الأصول المهنية والفنية المرعية، وتصنيف ما يجب اعتباره منها سرياً ومحمياً طبقاً للقانون وذلك خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانونب. كما ألزمت المادة (5): االجهات بأن تنشر على موقعها الإلكتروني خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون دليلاً يحتوي على قوائم المعلومات المتاح الكشف عنها….ب.
ونظم القانون في مواده اللاحقة إجراءات استلام طلب الحصول على المعلومات وطريقة ومدة الرد عليه، وإجراءات التظلم في حالة الرفض، الذي يجب أن يكون مسبباً، مما يتيح المجال للجوء إلى القضاء الإداري للطعن على ذلك. كما تطرق في المادة (12) – التي جاءت عامة واستخدمت مصطلحات فضفاضة – للمعلومات التي يحظر الكشف عنها، مشيراً إلى عشر حالات من بينها االأمن الوطني أو الأمن العام أو القدرات الدفاعية…والتأثير على سير العدالة… وعلى الاقتصاد وعلى الصحة والبيئة….ب.
ومما لا شك فيه أن هذه المادة بالإضافة إلى ما ورد في الفقرة الثانية تضيّق كثيراً من نطاق هذا الحق، وتكاد تفرغ القانون من محتواه، باعتباره تشريعاً لتوسيع الرقابة الشعبية على أداء الإدارة العامة بمختلف أقسامها بما يخدم ويحقق المصلحة العامة، ويسهم في مكافحة الفساد، الأمر الذي يستدعي من المشرعين ضرورة إدخال تعديلات تصحح ما ورد في القانون من قصور وتضييق واختلالات.